المشتركات والمختلفات !!
بداية فإن الخلاف أو الإختلاف هو الدافع الأول والأقوى والمحفز لنشوء الحوار ، على اعتبار أن الخلاف ليس مذموماَ في بعض معانية اللغوية ( ومنها التنوع ) فقد يكون صحياً في بعض الأحيان .
وبما أننا نركز دائماً في حوارنا للوهلة الأولى مع الآخر على المختلفات وإن كانت قليلة ونترك المشتركات وإن كانت كثيرة مما يفسد الحوار ويصنع الفرقة والقطعية ، فأحببت غنيمة وفائدة لنفسي أولاً ثم لقراء هذا المقال تالياً تسليط الضوء على هذه النقطة دون اختزالها في الحوار الديني فقط لأن الأمر يتعدى ذلك إلى كل مناح الحياة المجتمعية وذلك من خلال الآتي :
ــ قبل البدء في الحوار حاول إحصاء نقاط الإشتراك ونقاط الإختلاف مع الطرف الآخر .
ــ قم بتضييق دائرة الخلاف من خلال التركيز على الإختلاف الأساسي و المهم ، ووضع الإختلافات الصغيرة وغير المعتبرة أو التي لا تغير في صلب الإختلاف ضمن نقاط الإشتراك وليس الإختلاف . ومنها على سبيل المثال تشديد أهل العلم في باب العقائد والتوحيد وأصول الدين ، وعذرهم لبعضهم في مسائل الخلاف المعتبر الذي يخفى فيه الدليل والإجتهاد الصحيح ، وتتعدى هذه القاعدة لتشمل الخلافات الإجتماعية والفكرية والعملية ونحوها .
ــ قد تجد لدى الطرف الآخر بعض الآراء التي سمعت عنها أو قرأتها لكنك لم تتثبت منها فإجعلها مع المشتركات ولو مؤقتاً حتى تعرفها وتمحصها وتتاكد منها على الواقع قال تعالى : ( فتبينوا إن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) ، فإنك إن تخطيء في جعلها مع المشتركات بداية خير لك من إن تجعلها مع المختلفات ، لأن النفور اسرع من القبول .
ــ ابتعد عن التعميم أو الأفكار المسبقة عن الآخر بسبب المكان أو الفئة أو الدين أو الهوية أو الإنتماء فإنك إن تسمع له قد تشترك معه في الرأي ولا تجد مكاناً للإختلاف بينكما ، فإن الناس تتمايز وتختلف وإن كان لهم نفس المسمى فقد قال تعالى : )ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ..) وقال تعالى : ( ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ) . وهذا الجانب يقلل كثيراً من المختلفات مسبقة التكوين والتي يستمدها الإنسان من الإعلام أو البيئة المحيطة به عن هذا الآخر .
ــ اختلاف المفاهيم يقود إلى الخلاف يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( إن كثيرًا من نزاع الناس سببه ألفاظ مجملة مبتدعة, ومعان مشتبهة ) فاسأل الطرف الآخر في حوراك معه عن معان معينة قد تلتبس عليك أو عليه في مدلولها ومقصودها فإن هذا أجدر لدرء الخلاف الذي قد لا يكون موجوداً أصلاً لكن عدم فهم المعنى وعدم وضوحه هو ما يثيره .
ــ جدد نيتك في الخلاف بأن تكون لإظهار الحق ، وافتراض امكانية الخطأ لرأيك والصواب للرأي الآخر ، والعدل والصدق مع المخالف، كل ذلك يجعلك تعيد التفكير مراراً في نقاط معادلة الإشتراك والإختلاف مع الآخرين .
ــ تذكر أنك عندما توسع دائرة الخلاف مع الآخرين وخصوصاً إخوانك في الدين فإنك تكون عوناً ومفتاحاً للشيطان الذي يحرص على التفريق والعداوة والبغضاء بين المؤمنين ، وقد يكون الخلاف دنيوياً لكنه يؤثر على صفاء نفس المؤمن وينقص من بريقها وطهارتها المعنوية .
وأخيرا .. قد تجد من ( الزملاء ، الأخوة ، الجيران ، الأنداد والمنافسين ... الخ ) ممن تختلف معهم في عدد قليل من الجزئيات مقابل عدد كبير من المشتركات الدينية أو التراثية أو الوطنية أليس هذا شافعاً للتعايش والوئام مع هؤلاء بدلاً من التباغض والفرقة . اللهم ألف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا .
سعود بن عوده الحسني
رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية بالعويقيلة
Sma2002@maktoob.com
|