|
الكرسي الدوار والثعلب المكار
فالكرسي الدوار هو نتاج الفكر المحتار للثعلب المكار الذي انتحل الخزي والعار فأضحى يبحث عنه في طيات الدار ويلهث خلفه في شتى الأقطار يدهس من أجله الأخ والجار سواءً كان ممن قرُب أو بعُد صغارا وكبار فيرقى ويرتقى في طبقات النفاق ويتبع سياسة المفتي الخنفشار ، ويدهن لأجله سير كل سمسار لكي تسير العلمية ويكون من الشطار فيصرف الريال ويُصّرف الدينار ويعطي أبو عنتر وإن شئت فالسيد غوار هذه السيرة الذاتية للثعلب المكار فهل عرفتم الأسد المزوار والنمر المغوار ذلكم أحبتي هو الكرسي الدوار والثعلب المكار بهذه المقدمة أحببت أن أبوح لكم ببعض الأسرار وإن شئتم ألطف الجو القارس من الزخم الأعلامي أو الإعلامي كلها تصح في القاموس المختار فقد أصبح عقلي مشتتاً وفكري محتار فقلت لابد من كتابة بعض الرموز والضرب بعصا عمر المختار .
أحبتي : هو الكرسي الدوار ذلكم المكان الذي يسعى إليه بعض الناس ويقاتل من أجله ، ومن أجل البقاء على ظهره وإن زاد سُكره وعُهره فالناظر في حال مدراء اليوم في السلم الهرمي المتعجرف البقاء عندهم للأقوى ويدهس تحته كل ضعيف فالدنيا له والآخرة خير وأبقى وكأننا في غابة يقتتلون من أجل لقمة العيش بعد أن كان الناس في الزمان الماضي يأخذون ما في أيديهم ويقرؤون بها الضيف .
فالكرسي الدوار هو تولي السلطة والرئاسة سواءً كانت شعاراً أودثارا وقد ورد النهي من النبي صلى الله عليه وسلم عن تولي السلطة صغيرة كانت أو كبيرة فقد أخْرَجَ مُسْلِم عَنْ أَبِي ذَرّ قَالَ " قُلْت يَا رَسُول اللَّه أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي ؟ قَالَ : إِنَّك ضَعِيف , وَإِنَّهَا أَمَانَة , وَإِنَّهَا يَوْم الْقِيَامَة خِزْي وَنَدَامَة إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا " .
قَالَ النَّوَوِيّ رحمه الله تعالى في شرح هذا الحديث : هَذَا أَصْل عَظِيم فِي اِجْتِنَاب الْوِلَايَة وَلَا سِيَّمَا لِمَنْ كَانَ فِيهِ ضَعْف . وَهُوَ فِي حَقّ مَنْ دَخَلَ فِيهَا بِغَيْرِ أَهْلِيَّة وَلَمْ يَعْدِل فَإِنَّهُ يَنْدَم عَلَى مَا فَرَّطَ مِنْهُ إِذَا جُوزِيَ بِالْخِزْيِ يَوْم الْقِيَامَة , وَأَمَّا مَنْ كَانَ أَهْلًا وَعَدَلَ فِيهَا فَأَجْره عَظِيم كَمَا تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَخْبَار , وَلَكِنْ فِي الدُّخُول فِيهَا خَطَر عَظِيم , وَلِذَلِكَ اِمْتَنَعَ الْأَكَابِر مِنْهَا وَاَللَّه أَعْلَم . أ . هـ .
وما نرى من شتات بعض الإدارات الحكومية وتدهور منسوبيها وسياسة بيع الضمير (وسياسة أدهن السير يسير) وكل مصطلحات الإدارة الحديثة التي بُنيت على أساس الغش والخيانة ورمي النزاهة والأمانة في سلة القمامة بين أدارج المكاتب فالأمين لم يعد أمينا والمدير أصاح مُداراً ورئيس القسَم لوح بالقَسمْ ألا يترك القسِم من غير حصاة القسم (1) فكل هذه الأقسام المغلظة كلها من أجل هذه الخشبة البالية والصعود على أكتاف الغير وسياسة التغيير من أجل الوصول لهذا الكرسي الدوار لكي يعلق تاج الوقار بل تاج الغزي والندامة والعار للسيد الثعلب المكار فالربيع العربي والشتاء العربي والصيف العربي والخريف العربي وكل فصول السنة العربية كلها من أجل الكرسي الدوار أضحت السلطة مطلباً بعد أن كانت مهرباً وأضحى الكرسي الدوار هو الفلك الدوار والقطب السيار الذي يبحث عنه كل ثعلب مكار ألم أقل لكم إنه ثعلب مكار .
فالأمانة علقها الثعلب المكار كما علق بشته المزركش المعطار على شماعة المكتب وسويداء القلب والدار فأحببت أن أودعكم بهذا المقال وأُودعكم كلاماً يكتب بالذهب والفضة المدار من السلف الصالح الأحرار في ذم الحرص على السلطة والكرسي الدوار لئلا تكون من فصيلة الثعلب المكار .
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة، فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة " فهي محبوبة للنفس في الدنيا، ولكنها (بئست الفاطمة) بعد الموت؛ حين يصير صاحبها للحساب والعقاب .
وروى البخاري أيضاً عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وأرضاه الذي قال فيه : " دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من بني عمِّي، فقال أحدهما : يا رسول الله أمِّرنا على بعض ما ولاك الله عز وجل، وقال الأخر مثل ذلك، فقال : إنَّا والله لا نولي هذا العمل أحدًا حرص عليه " . فأين ممن يقتتل من أجل السلطة والرئاسة والإدارة ...! .
قال بعض السلف: ما حرص أحد على ولاية فعدل فيها.
وما أحسن وصف شدّاد بن أوس رضي الله عنه لها بالشهوة الخفية حين قال محذراً: (يا بقايا العرب... يا بقايا العرب... إن أخوف ما أخاف عليكم الرياء، والشهوة الخفية)، قيل لأبي داود السجستاني: ما الشهوة الخفية؟ قال (حب الرئاسة) .
لعل ما قلت يكفي ويشفي فمن وعى وارعوى فبها ونعمتْ ومن شمر أنفه وجر زلفه فالضرب في الميت حراااام وعار فهو ثعلب مكار يبحث عن كرسي دوار بين أقطار الدار فما لكم تعيبون عليه ذلك فهو مجرد خشبة مسندة حول الجدار ولا يساوي إلا في ميزان الكراسي إلا معشار فهل أنتم تعقلون يا أصحاب الدار أم أصيح بالسيد المختار فيأتي وحوله أبو عنتر وغوار .
محبكم في الله نزيل الدار دار المصطفى المختار الذي ترك الدنيا ودرعه المغوار مرهون عند يهودي مكار في بعض شعير يكفي لصاحبات الدار فاستله واعاده المهند البتار أعني علياً الخليفة المعطار .
فهل وصلت لك رسالتي يا صاحب الكرسي الدوار والثعلب المكار .
محبكم محمد كياد المجلاد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حصاة القسم : حصاة توضع في إناء ثم يصب فيه من الماء مقدار ما يغمرها فيشربه الواحد، ثم يصب أيضا فيشرب الآخر وهلم جرا، وذلك إذا كان القوم مسافرين وقل ماؤهم فيتقاسمونه هكذا.
|
