نحن امتداد لذلك العملاق التاريخي الذي يسمى التراث سواء التراث اللغوي او التراث على مستوى التقاليد ومايؤكد لي ذلك أنني وأنا أفتش في ورقات التاريخ وقائعا وشعرا وجدت به كلمات كانت تجري على السنة (عجائزنا) حتى وقت قريب قبل أن تطمس معالم كلماتهم وحشة القبور فأحببت تلك الكلمات التي تحيلني إلى من أحب وأوازن بينها وبين تاريخنا الموغل في الغربة قبل أن تلتقطه مسابير الفضاء وتحيلنا إلى هياكل تردد كلمات باهتة لاقيمة لها فهل الارتداد إلى الماضي هو إقرار بالهزيمة أو هروب من المستقبل لا ادري ولكن اشعر إننا مهزومون ومأزومون على حد سواء فنلتفت إلى قصص الأولين لعل بها مايخرجنا من عتمة المشهد ولنتلمس خطى تلك الكلمات التي سنجد صداها قليلا هنا ونتذكر أنها مرت على أسماعنا ونحن صغارا لذلك سأهرب الى التاريخ مثل كل المهزومين بعيدا عن مقال زميلنا مطيران النمس عن (الشخير) وبعيدا عن الجنية التي اغوت قاضينا وانا اجزم انها جنية وليست (جني) لأن تاء (التأنيث ) لها حضوة خاصة عند (القضاة) امد الله لهم من الخير مدا وربما يسحرهم بريق المال اكثر من صكة (ثنايا الجنية) التي تسكن اجسادهم المكتنزة (بالحيوية) 0
يقال إن بيوت العرب في الشرف والسؤدد ثلاثة :
بيت بنو عبدالله بن دارم ومركزه بنو زراره ,بيت بنو فزاره ومركزه بنو بدر ,وبيت بكر بن وائل (بنوشيبان) ومركزه ذوالجدين 0
فأتي لقيط بن زرارة أبيه ذات يوم فرآه مختالا في مشيته فقال له مالك تمشي هكذا وكأنك جئتني بابنة ذوالجدين او بمائة من ابل النعمان 00فماكان من الابن إلا أن قال والله لايمس راسي طيبا حتى آتيك بهما أو اهلك دون ذلك ،وانطلق حتى أتى حي بني شيبان وهو قيس بن خالد الشيباني فقال له على الملأ جئتك خاطبا ابنتك فقال من أنت قال لقيط بن زرارة قال ولماذ لاتناجيني -أي تقول لي الامر سرا بيني وبينك قال قد علمتك لو ناجيتك لم اغششك وان عالنتك لم افضحك فزوجه ابنته وأمر ابنه بسطام بن قيس بتجهيزها فلما شارفت على الرحيل قالت مروا بي على بيت ابي أودعه فجاءته وسلمت عليه فقال لها :أي بنيه انك تاتين زوجك وهوسيد مضر فكوني له امة يكن لك عبدا واجعلي اطيب طيبك الماء وان زوجك فارسا فلايوشك الا ان يقتل او يموت فلاتخمشي وجها ولاتشقي عليه جيبا ومضت وبها يقول لقيط وكان يترقب وصولها :
هاجت عليك ديار الحي اشجانا
واستعذبت من نوى الجيران قربانا
تامت فؤادك لم تقضي التي وعدت
احدى نساء بني ذهل بن شيبانا
فأنظر قراد وهل في نظرة جزع
عرض الشقائق هل بينت اضعانا
فيهن جارية نضح العبير بها
تكسى ترائبها درا ومرجانا
كيف اهتديت ولانجم ولاعلم
وكنت عندي نؤوم الليل وسنانا
اما اخيها بسطام بن قيس فهو فارس بكر بن وائل الذي قتله عاصم بن خليفة الضبي وسبب قتله ان بسطام أغار على بني ضبه واستاق ابلهم فتنادوا بني ضبه وكان من بينهم عاصم يقع حديدة بيده وهي (الميقعة) فراته أمه فقالت ماتصنع بهذه الميقعة فقال اقتل بها بسطام فقالت له عيارة تحقر همته وعندما لحقه القوم ضرب عاصم بسطام بن قيس فخر على شجرة صريعا فيقول الضبي:
فخر على الألاْءة لم يوسد
كأن جبينه سيف صقيل
وعندما مات بسطام بن قيس لم يبقى بيت في بكر بن وائل الا هجم أي هدم 0
وحاز عاصم بن خليفة شرف المكانة بشر قتلة فعندما أسلم كان يستأذن في باب الخليفة عثمان –رضي الله عنه- ويقول لمن على الباب :أنا عاصم بن خليفة الضبي قاتل بسطام بن قيس