شكرا مايكل مور
كعادتي الكريمة يوميا وبمجرد الانتهاء من تناول وجبة الغداء ازحف الى سريري المقابل لشاشة التلفزيون فأنا لااجيد مهارة النوم ظهرا واستعيض عن ذلك بالتمدد أمام هذه الشاشة الساحرة متنقلا بين مشارق الأرض ومغاربها بواسطة ذلك الإختراع العجيب المسمى ريموت كنترول وحتى لا يغضب مجمع اللغة العربية سأسميه جهاز التحكم عن بعد ,في الامس كنت اتابع قناة الشو تايم موفيز ون (حلوة حركة تعريب الأنجليزي بهالطريقة )وهذه القناة في الحقيقة وجبة دسمة في فترة الضهيرة لأنهم عادة يخصصونها للأفلام الوثائقية وكان الفلم في الامس من انتاج وتقديم وسيناريو المخرج مايكل مور (بتاع كله ماشاء الله عليه ) وقد كان محور الفلم يدور حول نظام التأمين الصحي في الولايات المتحدة وفي الحقيقة أصبت بالرعب من فداحة مارأيت وماعرض في الفلم الوثائقي حول نظام التامين الطبي في الولايات المتحدة وكيف أن مهنة شريفة مثل الطب أصبح تدار بطريقة قذرة هدفها الأساسي هو جمع المال على حساب المرضى بأي طريقة بل تصل في بعض الأحيان الى ترك المرضى يموتون بدون أدنى شفقة او رحمه وقد عرض الفلم عددا من شهادات ضحايا التأمين الطبي ومنها على سبيل المثال شابة أمريكية تعرضت لحادث سيارة وأغمي عليها داخل السيارة فتم نقلها بسيارة اسعاف الى اقرب مستشفى وبعد خروجها من المستشفى اكتشفت ان شركة التامين تعتذر عن دفع نفقات سيارة الإسعاف لأن المريضة لم تقدم خطاب تطلب فيه ركوب سيارة الإسعاف قبل وقوع الحادث !!!!! ليست هذه الحادثة الوحيدة بل هي الحادثة الأهون فامرأة اخرى مرضت ابتها فنقلتها الى اقرب مستشفى وقبل ان يقدم لها المستشفى الرعاية الطبية اتصلت بشركة التأمين الطبي لأخذ الموافقة فرفضت الشركة الموافقة على علاج الطفلة وطلبت احضارها الى مستشفى آخر وفعلا تم ذلك ولكن الطفلة ماتت قبل وصولها الى المستشفى الجديد
حادثة ثالثة روتها امراة امريكية اصيب زوجها بمرض السرطان ورغم انه مؤمن طبيا الا ان الشركة رفضت علاجه بزراعة نخاع العضم لان هذه الطريقة في العلاج غير مضمون نجاحها بنسبة تامة !!!!! ومات الرجل دون تقديم اي عناية طبية له .
والحادثة الاكثر إثارة للإشمئزاز هي قصة عامل امريكي لم يكن يخضع للتأمين الطبي تعرض لحادث فانقطعت اصبعه الوسطى والسبابة فما كان منه الا الذهاب الى المستشفى وعندها اخبره الجراحون ان تكلفه اعادة الأصبع الوسطى تبلغ 60 الف دولار والسبابة تكلف 12 الف دولار ولأنه لايستطيع دفع تلك التكاليف فقد اختار اعادة السبابة ورمي الوسطى في القمامة .
عرض مايكل مور قصص المرضى وعرض ايضا شهادة العديد من العاملين في السابقين في شركات التامين ومن ضمنهم دكتورة ادلت بشاهدة مسجلة امام المحكمة الأمريكية اعترفت فيها انها تسبب في قتل العديد من المرضى بسبب رفضها الموافقة على اجراء عمليات مهمة لهم بحجج واهية وثغرات قانونية في عقود التأمين لتوفر أموالا على الشركة وقالت بان المكافأت التي تصرف لها ولزملائها من المدراء الطبيين في شركات الاتمين ترتبط بعدد العمليات التي يستطيعون ايجاد مبرر لرفضها بغض النضر عن اهميتها للمريض ناهيك عن الاف الأمريكين الذين لم يجدوا شركات توافق على التأمين الطبي لهم بسبب اصابتهم بالسكري او الضغط .
لم يكتفي مايكل بعرض تلك القصص بل ذهب لمقارنة النظام الصحي الامريكي بأنظمة صحية اخرى في العالم وكان اولها النظام الصحي الفرنسي وقد التقى مايكل بالعديد من الأمريكين الذين يعيشون في فرنسا واستعرض تجاربهم في مجال الخدمة الطبية المقدمة لهم وقد كان النظام الصحي الفرنسي نظاما عجيبا وهو بالمناسبة نظام حكومي وليس خاص ولكل إنسان بغض النظر عن جنسيته الحق في العلاج المجاني كما ان هناك في فرنسا خدمة تنفرد بها عن اغلب دول العالم وهي خدمة الطبيب الزائر حيث يكفيك ان تتصل بمركز الخدمات الطبية ومن ثم تطلب منهم ارسال طبيب لزيارتك في البيت وقد انتقل مايكل مور مع الاطباء اثناء استجابتهم للإتصالات وزياراتهم للمرضى في بيوتهم ممن كانوا بعانون من انفلوزا او مغص وماالى ذلك من امراض ومن الأشياء الغريبة في فرنسا ان الحكومة الفرنسية توضف نساء لخدمة الأمهات حديثات الولادة حيث تزور تلك الام مرتين في الاسبوع لتعني بها وتغسل ملابسها وملابس طفلها بلا مقابل , وبعد فرنسا انتقل مور الى بريطانيا حيث لاتقل الخدمات الطبية المقدمة للبشر عن نظيرتها في فرنسا ولكن هناك إضافة عجيبة في بريطانيا حيث يتقاضى الدكتور مكافأة في حال تحسن حالة المريض فعندما يقنع الطبيب مريضا بترك التدخين مثلا ليتحسن التنفس عنده يحصل على مكافاة وحينما يقنع مريض الكلسترول باتباع حمية مناسبة يحصل على مكافأة أيضا
عاد مايكل مور الى امريكا وفي نهاية فلمه الوثائقي عرض شيئا غير متوقع ابدا فقد التقى مايكل مور بالعديد من المتطوعين في الدفاع المدني والإسعاف اثناء حادثة 11 سبتمبر وقد اشتكى العديد منهم ان الحكومة الامريكية رفضت تقديم اي رعاية صحية لهم رغم انهم تطوعوا للمساعدة في تلك الاحداث وشركات التأمين رفضت مساعدتهم لأنهم يعانون من أمراض مزمنة تسببت بها اعمال تطوعية غير منصوص عليها في عقود التأمين وجل تلك الامراض امراض صدرية بسبب عملهم بين انقاض المباني اثناء تفجيرات برجي التجارة وأثناء ذلك اقتبس مايكل مور جزا من نشرة اخبارية يبثها الجيش الأمريكي تصور مقدار الرعاية الطبية العالية التي تقدمها الولايات المتحدة لمعتقلي جوانتناموا فما كان من مور والمتطوعين المرضى الا ان قرروا الذهاب الى معتقل جوانتناموا لعلهم يحضون بشيء من الرعاية الطبية وفعلا ركبوا زوارقهم وانطلقوا ولكن لم يتم ادخالهم للمعتقل فدخلوا الى كوبا وقرروا الذهاب الى المستشفيات الكوبية لعلها تعالجهم وكان لهم ماأرادوا ورغم ان كوبا بلد فقير الا انها من اكثر الدول تقدما في مجال الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين وتصدر كوبا الأطباء المهرة الى مختلف بلاد العالم وقد حضي مور ورفاقه برعاية طبية ممتازة في ذلك البلد الشيوعي لأنه يقدم الخدمات الطبية العالية مجانا للبشر .
انتهى الفلم الوثائقي وبدأت اتذكر ان وزارة الصحة لدينا تريد تعميم فكرة التأمين الطبي على المواطنين فهل سيكون الوضع من سيء الى أسوأ ولماذا يكون هناك تامين طبي اصلا وماذا سنستفيد كمواطنين منه ولماذا لانكون مثل بريطانيا او فرنسا وا كندا او حتى مثل كوبا وتكون مصلحة المواطن اهم من افتتاح شركة تأمين تنتفخ بها جيوب اصحاب تلك الشركات على حساب امراضنا وآهاتنا
في النهاية لا اقول الا شكرا مايكل مور فقد استمتعت بفلمك الوثائقي
عودة سالم العنزي
|