أمة العرب وركب المستقبل
سؤال ظل يلح في ذهني ويشغلني زادت من توهجه أجواء مؤتمر (الفكر العربي 9) وما يطرحه من تساؤلات حول دور العرب في رسم مستقبلهم فأحببت أن أشاركه القراء: لماذا يبدع العرب كأفراد ويتقدمون الصفوف ضمن مراكز البحث ومنظومات العمل والإنتاج العالمية بينما لا نرى ذات المستوى من التفوق ولا ذات العطاء في الأطر العربية الرسمية؟ ، أفراد خدموا في الشركات أو في الحكومات الأجنبية أو عملوا في مراكز البحث والتطوير فأبهروا العالم وحصلوا على أعلى المراكز وألمع الجوائز، لو أردت أن أعدهم لطالت القائمة، جاء بعضهم من صقيع الفقر وجاء آخرون من منازل الصفيح أو من مجاهل الصحراء العربية هاجروا إلى العالم المتقدم ثم تفوقوا حين استقروا في المحاضن التي تقدر ذكاءهم وتفسح المجال لأفكارهم الخلاقة، ما الذي يجعل البيئات العربية، الرسمية منها وغير الرسمية عاجزة عن تفجير الطاقات واستنهاض الهمم لدى الشباب العربي المبدع، أهو تضارب الخطط وتباين الرؤى وقصور القدرة على التنظيم وعلى تنسيق الجهود التي تثمر النتائج المتوخاه؟ ، أم هي مؤسسات البحث والإبداع العربية التي لا تعدو أن تكون هياكل وهمية تسيطر عليها البيروقراطيات وتعطلها المجاملات والمحسوبيات ويشح عليها بالإنفاق بينما يغدق المال على مشاريع لا تفيد الوطن ولا المواطن في شيء؟ ، أم هو نظام التعليم المتهالك الذي يتأخر عن ركب التعليم العالمي بعقود ويأبى القائمون عليه الخروج من قفص التقليد والتلقين؟ ، أم هي ثقافتنا الاجتماعية وما يقال من أنها تقتل روح المبادرة لدى الشباب المتحمس وتثبط هممه المتوثبة لينضم إلى ركب الكسالى وليألف تعطيل ملكة التفكير والإبداع، لنتوقف ولنفكر بعمق وتجرد، ولنتساءل، ما الذي يجعل شعبا مثل الشعب الكوري الجنوبي ينبثق من تحت رماد الحرب في الخمسينيات فقيرا نائيا عن مصادر الحضارة الحديثة وعن الأسواق العالمية شحيح الموارد، ما الذي يجعله قادرا على تنظيم صفوفه واستنهاض طاقات أبنائه والانخراط في خطط طموحة للتنمية والتطوير حتى غدا اقتصاده اليوم أحد أهم الاقتصادات وحتى تبوأ مرتبة متقدمة ومحترمة بين شعوب العالم، متى سنفكك قيود الروتين لنفكر بطرق عملية وخلاقة، متى ننظم جهودنا بذكاء ومتى نضع الأشياء في أماكنها الصحيحة .
سعيد شهاب
|