البيوت السعودية في خطر (2)
أعزائي القراء :
حان الاَن موعد عرض مسلسلنا المحلي في حلقته الثانية - أحداثه لن تكون غريبة وروايته لن تكون جديدة ، وقصته لن تكون من الخيال , وقد تشترك بمعاناته الكثير من البيوت , والعديد من الشخصيات , ولكن قد تختلف ، في التفاصيل الدقيقة لأحداثه , وقد تكون بطلاته إحدى أخواتكم أو إحدى بناتكم , أو إحدى بنات العائلات في المملكة ,
لكن بالنهاية هي من واقعنا ومجتمعنا السعودي ....
يقولون : ( مايحس بالنار إلا رجل واطيها )
نعم .. هذا صحيح فمن تلامس النار جسده وتحرقه ويعاني اَلمه , ليس كمن يداويه , وليس كمن يشاهده ,
وكتاباتي لا أستوحيها من الخيال بل من واقع بحياتنا عايشته .
وبما أني موظفة منذ سنوات طويلة , ومازلت على رأس عملي , فأنا أشعر بإحساس الموظفات ،وما يتكبدنه من معاناة في الحياة العملية والأسرية .
قد تختلف المعاناة حسب طبيعة العمل , وحسب طبيعة الظروف لكل واحده منهن ,ولكنهن أكيد سيلتقين في نواحي كثيرة , ويحملن نفس الهموم الجسدية والنفسية .
* صحيح العمل عبادة , والحياة كفاح , وواجب الشكر لله على نعمة الوظيفة بزمن أصبح الحصول عليها من سابع المستحيلات مع تزاحم الأعداد وقلة الفرص .
* ( ولكن لكل شيء ضريبة )
أنا أؤمن أن الحياة شراكة , وتعاون وتضحية , ولكنها أيضاً أخذ وعطاء من جميع الأطراف .
أما إذا كانت عطاء من طرف واحد فهنا الطامة الكبرى .
أعزائي :
( سأذكر لكم أحداث يوم من حياة الموظفة بإختصار شديد لأن هدفي الوصول لما بعده )
تابعوا معي أحداث الجولة الأولى :
* ساعة الصفر تبدأ ببيوت الموظفات منذ صلاة الفجر حيث تعلن حالة الطوارئ بالمنزل .
ولكم أن تتخيلوا الأسباب لذلك إلى أن تصل لدوامها , وتقوم بالتوقيع على سجل الحضور والإنصراف الذي تسابق الزمن للوصول إليه قبل وضع الخط الأحمر في تمام الساعة (6:45) دقيقه
( وهنا سأتحدث عن الموظفة بالمدارس بالتحديد ( معلمة أو إداريه ) ) - واَاَاَاَاَهـ من المدارس ومافيها .
نماذج نسائية أراها أمامي كل يوم منذ عدة سنوات مشاهد تتكرر ( تجري , تلهث , تعمل , تنجز , تتميز , تبدع , تتفوق )
ولن أخوض بتفاصيل ماتعانيه خلال دوامها ومايتطلبه ذلك منها من جهود لأن الكتابة فيه تحتاج مجلدات للكتابة بها ..
( الجولة الثانية )
* بعد قرع الجرس ليعلن نهاية الدوام ينتهي نوعاً ما دورها كموظفة لأن طبيعة عملها تتطلب منها أحياناً مواصلة العمل حتى بالمنزل .
وهنا بدأ دورها كزوجة وأم ومطلوب منها مسؤوليات هامة وضرورية في بيتها من أجل راحة الزوج والأبناء ولابد لها أن تبذل أقصى مابسوعها حتى لاتقصر بحقهم ولاتخل بأحد واجباتهم عليها حتى ولو كان على حساب راحتها , وصحتها , وأعصابها .
( وأيضاً لن أخوض بهذه التفاصيل الاَن ...... )
* وفي نهاية اليوم عندما ترمي بجسدها المرهق لتلتقط أنفاسها وتخلد للراحة قليلاً , تتذكر بأن دورها لم ينتهي بعد .
فهي لن تستطيع النوم قبل عودة زوجها من سهرته خارج المنزل لكي تلبي إحتياجاته وطلباته الخاصة .
( وصدقوني ستكون سعيدة ومبسوطة ) لو وجدت كلمة حلوة أو لمسة حانية من زوجها في تلك اللحظة التي ستزيل عنها معاناتها وإحساسها بالتعب طوال النهار .
* ولكن الكارثة أن بعض الأزواج هداهم الله , يعتقد أنه لو قام بدور الزوج الحنون المتفهم في تلك اللحظة سيكون ضعيف الشخصية ,ناقص الرجولة , وأن ذلك عيب في حقه .
* أما دوره من وجهة نظره هي محاسبة المرأة على جميع تصرفاتها والشدة معها والتحقيق في كل كبيرة وصغيرة حصلت أثناء غيابه عن المنزل , وفي كيفية الألية التي تقوم بصرف راتبها بها وفي كيفية توزيعه وفي تخصيص الجزء الأكبر منه لتسديد أقساط سيارته الجديدة , وديونه المتراكمة , وتسديد فواتيره , وتأمين طلبات المنزل , و و و و و و .......
والعمل على إنهاء إجراءات إستخراج قرض جديد بإسمها لشراء أرض سكنية وستسجل بإسمه .
وعلى المرأة دائماً السمع والطاعة والتنفيذ بدون إعتراض وكأن ذلك لايخصها .
والويل كل الويل عندما تناقشه وتقول له :
لماذا لاتسجل الأرض بإسمي مادام القرض بإسمي وأنا من سيسدده من راتبي !!
ماذا ستتوقعون أن يكون رد إنسان بعقليته ؟؟؟
الجواب : عيب ماعندنا حريم يتملكون !!
الله أكبر ماهذا التناقض ؟! سحب قرض بإسمها من البنك ليس بعيب وتسجيل الأرض بإسمها هو العيب !!!!!!
يا إلهي أيها الرجل - أي قانون هذا ومن أي غابة أتيت به ....
أعزائي :
هذه كانت عينة من نماذج للموظفات بمجتمعنا وعينة من الأزواج لهن وهذا جزء مما يحصل بتلك البيوت
( وتم روايتها لكم بكل أمانة مع التحفظ على ذكر الأسماء )
مع العلم بأن المعاناة بالبداية بهذه القصة كانت مشتركة لغالبية الموظفات وكذلك أحداثها
ولكن النهاية تختلف من واحدة لأخرى .
* فبعضهن نجحن بأن يتملكن عقارات مشتركة بمساعدة أزواجهن الذين يحفظون الأمانة التي في أعناقهم ويخافون من عذاب الله .
* وبعضهن نجحن بأن يتملكن عقارات خاصة بأسمائهن ( وأنا إحداهن ولله الحمد )
* ولكن الشريحة الأكبر منهن محكوم عليهن مصادرة حقوقهن , ورواتبهن , وأملاكهن , وراحة بالهن ,
حسب قانون الغاب لذلك الأزواج الذين لايتقون الله بزوجاتهن ...
*** نأمل من أصحاب الضمير الغائب مراجعة النفس ومحاسبتها وإعطاء كل ذي حق حقه قبل أن يواجه ربه يوم لاينفع الندم ***
بقلم
هدى النذير
تربوية واعلامية
|