الجنادرية بين الواقع والطموح
ترفع هذه الأيام رايات المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية ، هذا العرس الوطني الجميل الذي يفرح به السعوديون كل عام ويدشن فعالياته خادم الحرمين الشريفين فيطبع بصمته الحميدة على أنشطته الثقافية والتراثية ويبقى أوبريت الافتتاح نغماً جميلا يتردد في أرجاء الوطن حتى يحين موعد المهرجان القادم ، ومع غبطتنا بالحدث السعيد الذي يعتادنا في عامه السادس والعشرين إلا أننا لن ندرك بالمديح وحده ما نصبوا إليه ، لابد من نقد بناء يعبر عن وجهات النظر المختلفة ويسلط الأضواء على ما يراه الناقد موضع خلل أو حلقة ضعف ينبغي تمكينها لتتوائم مع ما حولها من مواضع الجمال والإبداع ، هكذا تتضافر الآراء ليستبين الصواب ولتتمخض العقول النيرة عن الحلول الذكية والأفكار الخلاقة فأقلام الكتاب المنتقدة أكثر نفعاً وأجدر بالعناية ، مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة مازال دون المستوى المنشود لكي يعكس صورةً مشرقة من تراث بلد عريق وغني بكنوز الماضي ومنجزات الحاضر مثل المملكة ، فلم يصل بعد إلى العالمية التي يصبو إليها رغم مرور الوقت الكافي لنضوج التجربة ، ربما استفاض في نقل صورة التراث وهذا حسن لكن جهده في تشجيع واستقطاب مواهب الحاضر والفنون الراقية التي يرتجى لها أن تساهم في ردم الهوة التي يتخيلها البعض بين الماضي الجميل الأصيل وبين المستقبل المواكب لمسيرة الحضارة العالمية قد جاء دون المأمول ، لم يعط المسرح الحر بمختلف توجهاته المساحة والأفق المناسب ليساهم في رسم صورة المجتمع بعيون مبدعيه وليكون انعكاساً حقيقياً للحالة الحضارية والثقافية التي يعيشها المجتمع وليعمل على ترسيخ القيم النبيلة التي يسعى المجتمع لغرسها في عقول ناشئته ، لابد من تكثيف الفعاليات الموجهة للطفل على أمل أن تسهم في تعريفه بتاريخ وتراث وطنه وأقاليمه المختلفة عبر صورٍ حية ترسخ في ذاكرته لما ينتجه كل إقليم وما يتميز به من جميل التراث والفنون ولا بد هنا من التفكير في عطلة دراسية تتناسب وموعد إقامة المهرجان لتتمكّن الأسر من شد رحالها لزيارته والتمتع ببديع أجوائه وفعالياته ، أما استضافة الأمم ذات الحضارات العريقة مثل اليابان فإضافة هامة تلهم الخيال وتحفز همم المبدعين من أبناء الوطن وتفتح نافذة مباشرة للاطلاع على ثقافات الأمم الأخرى والتجول بين ثنايا تاريخها والتعرف إلى حاضرها وموروثها .
سعيد شهاب
|