الانتخابات والتحدي القادم
يتوافد السعوديون هذه الأيام على مراكز التسجيل لتقييد بياناتهم الانتخابية استعدادا لاستحقاق الانتخابات البلدية التي أصبحت على الأبواب في دورتها الجديدة، ولئن كان للبعض مآخذ تبدو ذات معنى وقيمة مثل ما يأخذونه على نظام المجالس البلدية من ضعف الصلاحيات أو ضبابيتها أو تداخلها مع صلاحيات وواجبات جهات أخرى، ويجادلون بأنها مجرد مجالس استشارية ليس لقراراتها صفة الإلزام بل يتم تجاوزها والعمل دون مشورتها في كثير من الأحيان فليس لها حق الرقابة الملزمة على المشاريع والخدمات، آخرون ساءهم استثناء المرأة من حق التصويت لمجالس يفترض أن تعنى بأمر الخدمات المدنية والمرأة معنية مباشرة بهذه الخدمات حالها في ذلك حال الرجل، متابعون آخرون يرون ضرورة خفض سن التصويت ليتسنى للشباب فوق سن الثامنة عشرة المشاركة وإثراء التجربة واختيار ممثليهم لاسيما أن أكثر سكان المملكة هم من فئة الشباب، وفريق ثالث يود أن تطوى ملفات التعيين لتصبح المجالس البلدية منتخبة بكامل هيئتها، بينما يجد الفريق المقابل في مجرد المشاركة ودفع التجربة الفتية إلى الأمام هدفا وإنجازا يستحقان العناء ويتوق إلى ترسيخ المبدأ وتأكيد حق المواطن في بلورة أنظمة الإدارة المحلية والمشاركة في صياغة القرارات التي تهمه وتساهم في صنع الظروف المحيطة به والتي يمر بتأثيرها كل يوم، ويجادل المتحمسون بأن لإرساء فكرة الانتخاب وتعميق مفهوم المشاركة في ضمير المجتمع حق الاجتهاد ويراهنون على عنصر الوقت وتراكم التجارب لتدارك ما قد ينشأ من قصور أو يتخلف من حقوق فالمشكلة ستوجد الحل ــ كما يقال ــ وستنضج الممارسة دورة بعد أخرى لتؤتي أكلها المرتجى. إنما التحدي الأكبر الذي يواجهنا الآن هو التغلب على النزعات والانتماءات القبلية والمناطقية والتسامي على الميول الضيقة والاجتهاد لتقديم واختيار المرشح الأكثر نزاهة وحصافة والأكفأ لتحمل المسؤولية فذلك هو ما يكفل إنجاح التجربة وإقناع المجتمع وقياداته بجدوى هذا المسعى الذي يراقبه العالم عن كثب. ما ينبغي على الناخبين عموما وعلى النخب المثقفة والمؤثرة في آراء الجمهور هو مواجهة الاصطفافات المبنية على العصبيات وتغليب المصلحة العامة والتركيز على كفاءة المرشح وعلى الرؤى التي يمتلكها والبرامج التي يعتمدها والخدمات التي يعد بطرحها والاجتهاد لتحقيقها.
سعيد شهاب
|