في منتصف الخمسينات الميلادية في القرن الماضي تم توقيع عقد بين الحكومة السعودية وتجمع شركات أمريكية لإنشاء شركة خط الأنابيب عبر البلاد العربية بأمر من الملك عبد العزيز وفى يوم الجمعة 22-8-1366 الموافق 11-7-1947 ؛وقع الشيخ عبدالله السليمان (وزير المالية) اتفاقية امتياز شركة الأنابيب؛إذ بدأ إنشاء الانبوب عام 1948 م بطول 1600 كم .
وقد تم إنشائه بشراكة مابين شركة اسو Esso، شيفرون Chevron ،تكساكو Texaco ، وموبيل Mobil. وقد استعمل لإنشاء هذا الانبوب 350000 طن من الانابيب و 3000 قطة من الآليات ومعدات البناء وقد عمل على إنشاءه 16000 عامل بتكلفة قدرها 150 مليون دولار. تم الانتهاء من إنشاءه في عام 1950 م ،وبعد شهرين من ذلك بدء ضخ النفط إلى ميناء صيدا.
وقد تم اختيار اسم مختصر لتجمع الشركات هو التابلاين
Transarabianpipeline
تم اختصارها إلى
TAPLINE
من ضمن شروط العقد هو انشاء موارد للمياه وبناء المدارس والمستشفيات في عدة محطات مثل عرعر ورفحاء وطريف .
حيث كان الملك عبدالعزيز يرحمه الله يسعى بكل جهده لتوطين البدو حتى ينال أبناؤهم قسطا من العلم وتوفير العلاج والرعاية الصحية الأولية لهم
وكان للتابلاين دور كبير في حضارة الحدود الشمالية
إذ كانت المنطقة مسرحا للقتال بين القبائل فتحولت بحمد الله ثم حكمة القائد المؤسس وطيبة أهلها التي تجاوبت مع دعوة القائد المؤسس الى واحات أمنة
وهكذا تحول أبناء المنطقة من بدوٍ رحّل إلى سكان مدينة يتعلم أبناؤهم في المدارس ويتلقون العلاج الصحي المميز في مستشفيات التابلاين
لقد بُنيت مدن الحدود الشمالية ومنها مدينة عرعر بعد إنشاء خط التابلاين ومحطة عرعر اسمها (بدنه)
التابلاين جلب حضارة للمنطقة غير موجودة في أغلب مدن المملكة الكبرى
كان فيها مستشفى مميز بكوادره ونظافتته ؛يتعامل مباشرة مع مستشفى الجامعة الامريكية ببيروت
وفي طفولتي قمت بزيارة للتابلاين وشاهدت هناك ماكان غريبا علينا نحن ابناء المنطقة
فقد كان في الداخل داراً للسينما وكافتريا تقدم الوجبات اللذيذة التي لم نكن نعرفها
وكان فيها( الكانتين ) وهو اشبه مايكون بسوق مركزي تجد فيه البضائع مرتبة بشكل متناسق غير معهود عندنا في الثمانينات والتسعينات الهجرية وتوجد فيها العديد من وسائل الترفيه البريء ، مثل ملاعب التنس والتنس الارضي والبلياردو والجولف وملاعب لكرة القدم ومسبح
وكان عمّال التابلاين يتميزون بالانضباط واحترام الوقت وحسن الهندام سواء كان بملابس العمل أو خارج أوقات العمل .
ويحمل الأهالي الكثير من الذكريات الطيبة للتابلاين
ولذلك حزن الناس حزنا شديدا وكبيرا عندما أُزيلت كل آثار التابلاين ولم يتبق إلا الأنبوب الذي كان ينقل النفط من رأس تنورة بالمنطقة الشرقية إلى صيدا بلبنان
حزن الناس لأن كل شيء في المنطقة يذكرهم بها
ولادة ابنائهم ؛وعلاجهم ؛وتلقي دراستهم ،وكانت مصدر رزقهم إذ وفرت لهم الكثير من فرص العمل سواء كانت بشكل مباشر او غير مباشر
وكان الطريق الدولي للمسافرين عبر المملكة من الغرب الى اواسط الملكة والخليج يمر بجوار التابلاين إذ انها المعلم الابرز في المنطقة
طالب اهالي المنطقة دارة الملك عبدالعزيز عند زيارة ممثليها للمنطقة بالاحتفاظ بالتابلاين باعتبارها دليل حضارة المنطقة
الا انه وبكل أسف لم يتم التجاوب مع نداءات الأهالي
وقد أحسن مجلس إدارة نادي الحدود الشمالية الادبي صنعا عندما اختار التصميم الذي أبدعه الأستاذ محمد بن مرشد العطيفي حيث وضع رمز للتابلاين في شعار النادي
وكل مانتمناه أن يبقى أجزاء من ( البيب ) ذلك الأنبوب الناقل للنفط على الأقل حوالي المدن التي أُنشئت متزامنة مع خط التابلاين
أو على الأقل يكون في دورات (الميادين) مدن المنطقة وقراها؛ وتسمية بعض الميادين باسمه
بالأمس كنت احدث احد اصدقائي وهو رجل فاضل من خارج المنطقة عن تاريخ نشأة مدن الشمال ومنها مركزها الحضري \" عرعر\" لا اعرف هل اوصلت له المعلومة جيدا ثم تفاجأت بهذا المقال الرائع
في الحقيقة فورا اتصلت به ودعوته لقراءت هذا المقال على \"عرعر اليوم \"
هل تعتقد أبا ناصر بأننا نهتم بالتراث من الأساس؟ ألم يحاربوا زيارة الأماكن التاريخية من العصور القريبة والسحيقة لحضارات قامت على هذه الأرض بدعاوى لا تخفى على أحد؟ مدائن صالح أنموذجاً لرفض الماضي وكذا أصحاب الأخدود وغيرها ...فكيف بالتابلاين وهو نتاج الأمريكي الأوروبي الكافر؟
أذكر يومها- وقد كنت خارج البلاد - أني حزنت كثيراً على هدم مباني التابلاين وأوصيت بمن يقوم بتصويرها فالتابلاين هو الحدود الشمالية وناسهاومازالت قصص أولئك الرجال وتلك الأماكن تروى بكل فخر ..
جيل التابلاين له ذكريات سعيدة مع تلك الحقبة بل و يسعد بسماع \"القصة\" جيل ما بعد التابلاين ..وأرى أن توثق روايات المعاصرين لهذه الأحداث بشخوصها و صورها ..وكنت قد جمعت الكثير من الصور والسير الذاتية لمن عاش تلك التجربةوبعضهم ذرع هذه الأرض طولاً وعرضاً لأكثر من ثلاثين عام..ومنهم من غادر هذه الحياة من سنوات قليلةفقط ولكن ليس قبل أن يزور المنطقة زيارة وداعية لتعلقه بهذه الأرض..
وأذكر أني \"تنومت\" في مستشفى التابلاين لليلة بسبب شقاوة الصغار..فقد سقطت على رأسي من سيارة وانيت (دودج) خضراء كانت متوقفة ولم أفق إلا على صوت قطار صغير يدور بجانبي و ممرضة أجنبية مازلت أذكر ابتسامتها بينما إختفت قسمات وجهها الأخرى من الذاكرة..
حتى أشجار التابلاين المعمرة قلعت
أحس بخفقان يطرق قلبي ، أحساس حزن وفقدان جزء من حياة جميلة عندما أقرأ موضوعا يتناول التابلاين
كفى ، كفى ، دعونا ننسى ، ليس على البؤساء إلا النسيان ، سرق حتى أحساسنا ذكرياتنا ،
لا أدري هل نحن مرضى أم لنا قلوب تختلف عن قلوب البشر ،
استاذ ماجد هناك لوحة البلدية القديمة ذات الخط الفارسي ، أحس أن فيها روح ذات ألفة بالشارع العام ، حذاري أن ترمى ،
أقف مع نفسي أحيانا وأقول مابال قلوبنا تعلقت بحديد ، البيب ولوحة البلدية ودوار المرور
يطلق لفظ التراث على مجموع نتاج الحضارات السابقة التي يتم وراثتها من السلف إلى الخلف وهي نتاج تجارب الإنسان ورغباته وأحاسيسه سواء أكانت في ميادين العلم أو الفكر أو اللغة أو الأدب وليس ذلك فقط بل يمتد ليشمل جميع النواحي المادية والوجدانية للمجتمع من فلسفة ودين وفن وعمران… و تراث فلكلوري واقتصادي أيضا.
او على هذا ايضاً:
كل ما شيده الأجداد من عمائر, الدينية كالمساجد , دور العلم والزوايا وعمائر أخرى كالقصور والمنازل والأسواق والمراكز الصحية والحمامات والسبلان . الحرف اليدوية والصناعات التقليدية التي يتم صناعتها بالاعتماد على المواد الخام الموجودة في المنطقة
التابلايين
يا اخي أنتم جادين وش تابلينه والله من الفضاوه ، اللحين ما لقيتوا شي بالشمال كله تعتبرونه من التراث الا التابلاين!!!! ، اللي هو بقايا انقاض شركات زالت ، بل حتى الشركات هذه اكاد اجزم انها ما تحفظ للتابلين حتى صوره !!!
كل الشكر والتقدير لأستاذ القدير
كان من الأولى الحديث عن المستوى التعليمي وعن الفقر المدقع والمشاريع التي لم يتم إنجازها و التقييم لمستوى المؤوسسات الخدميه للمنطقة في إطار (النقد البناء)
وعدم الأنجراف مع عاطفة الكاتب لأماكن لها مكانه كبيره عند ذلك الجيل الذي لم يهتموا لأمرها حتى ذكرهم الكاتب القدير بها فأنجرفوا خلفها
هذا مع خالص تحياتي بأمل إبراز دور فعال من النادي الأدبي للمنطقة وأبنائها لما يحتاجه الجميع في الوقت الراهن , وسوف نتطلع لذلك