الهرج والمرج
لابد لنا أن نقف وقفة تأمل واستغراب أمام الاحتجاجات والمظاهرات التي بدأت باجتياح العالم العربي بلداً بلد ، قطراً قطر دون أن تقف عند حد معين .
حتى أصبح من المألوف انتظار مثل هذه التظاهرات كل جمعة وكل يوم ودون سابق إنذار .
ومن المستغرب جداً ظهور هذه التوليفة الجديدة في المجتمع العربي ومبررات هذا الظهور والشرارة التي انتشرت انتشار النار في الهشيم مع إقدام (بوعزيزي) بالانتحار بحرق نفسه بإحدى ساحات تونس إذ كانت تلك الشرارة الأولى وكأن المواطن العربي البسيط في انتظار مثل هذا المشهد الدرامي والتي قد تصل إلى حد الانتحار وإزهاق النفس من اجل التغيير .
لا يمكن إنكار أو استنكار الرغبة الجارفة لدى المواطن العربي نحو التغيير وتحسين الأوضاع المعيشية إلا انه من الملاحظ تحول هذه التظاهرات إلى حالة أشبه ما تكون ب (الهرج والمرج ) ونحو ميادين تسيل بالدماء وساحات تعج بالناس في مشهد ينطق بالهيبة والفوضى في آن واحد .
ولم تختلف هذه الحركات التحررية عن الانقلابات العسكرية والتي سادت المشهد العربي فترة من الزمن من حيث رغبتها العارمة في تغيير جميع الرموز دون استثناء ودون النظر لأي اعتبارات أخرى رغم وجود كفاءات في الأنظمة السابقة تستحق أن ينظر لها إلا أن وجودها ضمن دستة الأسماء في تلك الأنظمة التي سمية (البائدة ) مجازا جعل من وجودها في النسيج السياسي الجديد من المستحيلات .
من جانب آخر نجد أن أنظمة الحكم في كثير من الدول العربية جعلت من ثقافة المطالبة بالحقوق جريمة لا تغتفر وتصنف ضمن جرائم (أمن الدولة ) ما جعل الكثير للجوء إلى مخالفة الأنظمة والعنف والشذوذ السياسي الذي قد يصل إلى حد التجرد من جميع الانتماءات الوطنية بهدف تحقيق تطلعات وأهداف لمجموعة من صفوة المجتمع ممن اسموا أنفسهم (معارضين سياسيين ) وأمام هذا الفشل الذريع لتلك الحكومات في فتح نوافذ الحوار والشراكة السياسية مع مختلف شرائح المجتمع جعل كلا الطرفيين يتشدد في رؤيته للأمور الذي قد يصل الى حد التنافر و (الدموي ) في حالاته المتأخرة .
وأمام هذه المشاهد الفوضوية للمشهد السياسي العربي تبرز أهمية بروز تيار معتدل يوازن بين حاجات الشعوب ورغبتها بالتحرر ومابين ثوابت الأمة والحفاظ على مكتسباته في معادلة تحقق المصلحة العامة للوطن والمواطنين .
وسيناريو الأحداث تتطلب من قادة الأمة العربية القراءة الحقيقية لواقع المواطن البسيط الذي لا يطمع سوى بالحرية والكرامة وتأمين لقمة العيش الكريمة والصحة والتعليم والأمن والأمان .
وستتكرر هذه السيناريوهات لحين استيعاب القادة ماذا تعني كلمة ( مواطن ) .
عيد العويش
|