المرأة والسيارة .. تقود أم لا تقود
يستجد من الأحداث كل حين ما يعيد الجدل فتيا بشأن المرأة والسيارة .. تقود أم لا تقود، يحتدم الجدال ويتعالى النقاش ليشغل صفحات الصحف وشاشات المدونات ومجالس المتحدثين قبل أن تخبو جذوة الحماس وتنخفض حدة الأصوات حتى ليكاد الأمر برمته أن يذهب طي النسيان ثم ما يلبث أن يطرأ ما ينفض عنه الغبار ليعيد للمتجادلين رغبتهم في الحديث، إذ يبدو أن قيادة المرأة قد أصبحت حاجة ملحة أكثر من ذي قبل وإلا لما عادت وذكرت بنفسها بين حين وآخر، وينقسم المجتمع إزاء هذه القضية إلى ثلاث فئات تتنازع الحجة، أولهم وأعلاهم صوتا الممانعون والمتخوفون من مزالق الفساد ومسالك الرذيلة، فالسيارة ترخي ــ في نظرهم ــ من قبضة الرقيب على دخول وخروج المرأة وتطلق عنانها وتعرضها لأذى السفهاء، كما أنه لا ضرورة لقيادة المرأة مع توفر السائقين ووفرة وسائل النقل العام والخاص ويحذر أصحاب هذا الرأي من تزايد الاختناقات المرورية في المدن المزدحمة أصلا لاسيما حين تنتشر سيارات النساء في الشوارع وينهض المراهقون لمواكبتهن، وسوف يكون من الصعب التحقق من شخصية قائدة السيارة المتوارية خلف الحجاب، لذا يجادلون بضرورة إيجاد شرطة سير نسائية للتعامل مع الوضع وإلا لتفتق الكثير من الثغرات الأمنية والأخلاقية، بينما يرى المؤيدون في قيادتها حقا طبيعيا لا يمكن مصادرته ولا ينبغي أن يكثر حوله الجدل خصوصا مع عدم الممانعة الصريحة من الفتوى الدينية، فأرجاء المدن آخذة في التباعد والاتساع وحاجات الأسر آخذة في التكاثر يوما بعد يوم، تحتاج المرأة العاملة إلى التنقل من وإلى عملها حسب ظروف وأوقات العمل التي قد لا تلائم وظيفة أو ارتباطات وليها كما تعتني عادة بلوازم البيت واحتياجات الأطفال وحضور المدارس، بينما ينشغل الوالد بالعمل أو بما ينوبه من مشاغل الحياة، أما السائق القادم من بيئة وثقافة مختلفة فلا يؤمن تأثيره السيئ على فكر وثقافة الأسرة وعلى توجهات الأطفال بشكل خاص، إضافة إلى العبء الاقتصادي والمسؤولية التي لا تطيقها الأسرة محدودة الدخل، كما أن خلوته مع المرأة محظور شرعي قد يفوق في خطورته قيادتها السيارة، ويرى الفريق الثالث أن يسمح للمرأة بقيادة سيارتها على أن يرتبط ذلك بظروفها العائلية والعملية، وأن يقتصر على المدن الكبيرة وأن يحصر في أوقات العمل والحاجة حتى يألف المجتمع رؤية النساء خلف مقاود السيارات.
سعيد شهاب
* نقلاً عن صحيفة عكاظ
|