وأمطرت ذات صيف ,,,,
فأمطرت ذات صيف المواهب الإلهية والعطايا الربانية على شعب السعودية فارتوت شعاب القلوب وأدوية النفوس بالزهر الوافر والظلال الوارف حتى أخضرت وانبسطت فكانت قلوبهم خضراء ونفوسهم بإذن الله بيضاء وصافحت ربيع النفوس فأزهر فتعالت الأصوات على اختلاف اللهجات بالدعاء ورفعت أكف الضراعة والشكر للباري عز وجل أولاً على هذه النعمة وثنت بالدعاء بأن يحفظ الله خادم الحرمين الشريفين على كل شيء يقدمه للإسلام والمسلمين وخير شاهد على ذلك ما أقره بالأمس حفظه الله من السلم الجديد لموظفي الدولة وما شمله من تعديل ساميٍ كريم ، ولست أتحدث في هذه العجالة عن هذه المكرمة الكريمة فسطور كلماتي تصطف خلف بعضها البعض لتعلن الشكر ولكنها تحتجب بالحياء إذ لا توافي حقه كولي أمر ووالد كريم وأقول إلا كما قال الآخر :
لأشكرنَّك معروفاً هممت به ... إنَّ اهتمامك بالمعروف معروف
ولا ألومك إن لم يمضه قدرٌ ... فالرِّزق بالقدر المحتوم مصروف
ولكني أتحدث عن هذه النعمة التي امتن الله بها علينا فيجب علينا شكر المُنْعم الأول وهو الله تعالى وشكر من تسبب بذلك ألا وهو ولاة أمر هذه البلاد حفظها الله وحفظهم من كل سوء ، وكفر النعمة أمر عظيم وهو سببٌ لمحق البركة والعذاب الشديد من الله تعالى والعياذ بالله كما قال تعالى : {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}.ومعنى تأذن: يعني أعلم عباده بذلك وأخبرهم أنهم إن شكروا زادهم وإن كفروا فعذابه شديد، ومن عذابه أن يسلبهم النعمة، ويعاجلهم بالعقوبة فيجعل بعد الصحة المرض، وبعد الخصب الجدب، وبعد الأمن الخوف، وبعد الإسلام الكفر بالله عز وجل، وبعد الطاعة المعصية ، والكفر مخبثةٌ لنفس المنعم .
قال سليمان التيميّ: إن الله عز وجل أنعم على عباده بقدر طاقته،وكلفهم من الشكر بقدر طاقتهم.
وقال أحد الحكماء :كلّ شكر وإن قلّ،ثمن لكل نوال وإن جلّ.
وكانت هند بنت المهلب تقول:إذا رأيتم النعمة مستبدرة فبادروها بالشكر قبل حلول الزوال.
وقال الحسن البصري : إن الله ليمتع بالنعمة ما شاء ، فإذا لم يشكر عليها قلبها عذاباً.
ومن لطيف ما يذكر أن رجل من قريش قال لأشعب الطمع: يا أشعب! أحسنت إليك فلم تشكر! فقال:إن معروفك خرج من غير محتسب إلى غير شاكر.
وليتذكر كل واحدٍ منّا إخوانه له هم في بقاء الأرض وليتصدق بالنزر اليسير فالصدقة مثراة للمال وتزيده لا تنقصه بالبركة الحاصلة من الإنفاق ، ومن فضل الله علينا تيسر كثير من وجوه الإنفاق كالجمعيات الخيرية وجمعيات تحفيظ القرآن ومكاتب الدعوة وتوعية الجاليات ومراكز معالجة مرضى الكلى والسرطان ، ومن فضل الله علينا حتى يتجنب الإنسان الرياء في عمله فيستطيع وهو في بيته أن يقوم بحوالة لهذه الجمعيات بالمبلغ الذي يريد وكذلك يستطيع أن يثبتها من خلال الأمر المستديم ولا يعلم عنك إلا الله تعالى وبهذا يتحقق لك الأمران أمر الإنفاق والصدقة والأمر الآخر وهو إخفاؤها فتكون من السبعة الذين يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله وتكون في ظل صدقته يوم اشتداد الحر وبلوغ العرق من الإنسان مبلغاً عظيما . فتذكر وأن تقرأ هذه الأسطر ونحن في حرارة الصيف ذلكم الموقف العظيم ولا تنسوني من صالح دعائكم .
إخوكم / (أبو أسامة)
محمد كياد المجلاد
|