الأندية الأدبية للجميع
استقر في أذهان البعض أنها أندية للخاصة لا يعرف الطريق إلى قاعاتها سوى نخبة المثقفين وأصحاب الاختصاص من المتحدثين بالفصحى والمعلقة قلوبهم بغريب وقديم الآداب، ولا يرتادها غير المولعين بالمعلقات والمجمهرات والنقائض ، وأنه قد يستعصي على العامة إدراك فحوى أطروحاتها والصبر على طول محاضراتها أو فهم نظريات النقد والفلسفة التي تعنى بها، هكذا تشكلت صورة الأندية الأدبية لدى الجمهور، وهكذا أصبحت غريبة بين أهلها كأنما لا تعرف الناس من حولها ولا يعرفونها، ورغم أنها قد أنشئت لتقود عربة التنوير الثقافي والمعرفي وقدم لها الدعم تلو الدعم لتساهم في تنمية الوعي الوطني وصياغة الشخصية السعودية المثقفة المعتدلة التي تعتز بماضيها وتراثها وتتطلع إلى مستقبلها المشرق بثقة وطموح، إلا أنها لم تنجح في التواصل المعقول مع محيطها أو تقديم ذاتها وعرض مشروعها بالصورة التي تحببها إلى قلوب الجمهور وترغبه في الإقبال على محاضراتها وندواتها، آن للقائمين على الأندية الأدبية التفكير بطرق ذكية تضمن كسر الجمود الذي يعتري علاقتها بالمجتمع وتيسر سبل التواصل مع بيئاتها، ولعل من أفضلها الموازنة بين ما تمليه رسالتها من أطروحات راقية ولغة سليمة وبين رغبات وتطلعات الجمهور في الحصول على وجبات ثقافية خفيفة، قريبة من الفهم ومواكبة لواقع الحال، آن لها أن تتخلى عن بعض نخبويتها وأن تخاطب كل طبقة بما يناسب مداركها ويستقطب اهتمامها، فكم هو جميل أن تدشن أنشطة خاصة للطلاب وأخرى للطالبات تجمع بين الثقافة والترفيه وتقيم شراكة حقيقية مع وسائل الإعلام وأنظمة التعليم تعتمد على نشطاء الأبناء من محبي الثقافة والأدب فتعمد إلى تنظيم المسابقات الثقافية والأدبية على مستوى المدن والمناطق لتلهم القرائح وتحفز الهمم، ما الذي يحول دون استضافة الأندية الأدبية معارض للكتاب تستقطب الناشرين وتوفر لسكان المناطق فرصة الاطلاع على ما يستجد في عالم المعرفة، حبذا أن تولى مكتبة الطفل العناية التي تستحقها.
سعيد شهاب
|