بين قبرص ومبارك
جلست أتابع وتابع الكثيرون غيري محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك ولكني حزنت ليس له ولكن عليه من قصور فارهة وأموال طائلة إلى قفص الاتهام في زوايا لا تتعدى بعض مترات ، وفي هذه المواقف عبرة لكل من يتولى شيئاً من أمور المسلمين مهما علا وجل في أنظار البشر أو حقُر ؛ فلابد من يوم تزل فيه قدم الثبوت على السلطة والرئاسة ، ولابد من يوم تحاسب فيه أيها المسؤول العظيم مهما بلغت درجتك عظمتك ي هذه الدنيا الفانية ، ولو كانت سياسة من أين لك هذا ! تطبق عندنا وعلى كل مسؤول وكل مدير إدارة صغيرة كانت أو كبيرة لكانت الدنيا بخير ولما تحت المحاكم الإدارية أبوابها للتظلم من جور المسؤول .
فالمسؤول عندنا ليس له من اسمه نصيب بل هو السائل وليس المسؤول كلنا يسأل عمن قصر في عمله إلا سعادة المسؤول ينهب ويتلاعب ، ويختلس ويبني بروجه العاجية فوق سطوح الأوهام وأموال الحرام هو وبني جلدته فلا رقيب ولا حسيب لماذا يا ترى لأنه مسؤول .
لابد أيها الأحباب : أن نقف مع هذه المحاكمة وقفة تأمل كلنا راع وكل مسؤول عن رعيته فسعادة المدير صاحب الكرسي الدوار الذي ورثه من أبواه لا يبرح مكانه ولا يدري ما يدور في محيط إدارته كل همه ملء بطنه وزيادة رصيده من كل حلال وحرام ظلم عارم بين بعض الإدارة وإجراءات تعسفية ومحاباة لبني فلان وبني علان وواسطة ألبسوها لباس الشفاعة والشفاعة براء منها إلى يوم القيامة .
أيها المسؤول تذكر لو أنك مكان هذه الرئيس المخلوع ، والناب المسبوع ، والبطن المفجوع ما هو مصيرك ، وهو مع هذا لم يعمل ما عمله غيره في شعبه من إبادة جماعية وفردية ، ومع ذلك أذله الله لأن الله تعالى منحه هذه العزة ونزعها منه حتى أن بعض الحاضرين لهذه المحاكمة لمستغرب من ذلك ولا يعسفه عقله الصغير من تصديقه ولسان حاله يقول : (سعادة الرئيس كفارٍ في قفص)، فدولتنا الكريمة حماها الله من كل شر وفتنة ولله الحمد صادقة مع الكل تزخر ميزانيتها بالأموال الطائلة التي تصرف على المشاريع والتطوير وراحة المواطن ولن ولم تبخل علينا بشيء ، ولكن البلاء الأعظم هو النمل الأبيض الذي ينخر في عصاة التخطيط فيها نهب لأموال زكية ومناقصات خفية ومشاريع وهمية ليست إلا حبر على ورق وربما كان لسطح القمر منها نصيب في التطور والسفلتة والإنارة.
تذكرت حينما رأيت مبارك ولعل الوقت لم يسعه أن يكون مبارك كاسمه تذكرت سطور من تاريخ أمتنا المجيدة كما ذكره بعض المؤرخين حين قال : أنه لما فتحت قبرص فرق بين أهلها فبكى بعضهم إلى بعض ،ورأيت أبا الدرداء جالسا وحده يبكي . فقلت : يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله ؟ قال : ويحك يا جبير ، ما أهون الخلق على الله إذا هم تركوا أمره ، بينا هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى .
فهل تريد أيها المسؤول أن تكون كأهالي قبرص أو تكون كمبارك .
إخوكم / (أبو أسامة)
محمد كياد المجلاد
|