وزارة التعليم العالي ومعضلة المعادلات
من واجب وزارة التعليم العالي حماية المجتمع من سيل الشهادات العليا المزيفة وشبه المزيفة التي تغزو دول الثراء لتشبع لهفة المتعطشين للألقاب وللمناصب، تحري الوزارة للدقة واجب غير أن تيسير أمور الباحثين عن الإجازات العلمية الحقيقية أمر يستحق العناية والاهتمام فلطالما فاخرت الدولة بتشجيع طالبي العلم وتذليل العقبات في طريقهم، وتكمن معضلة الوزارة في إيجاد نظام معادلات مرن ومتطور يضمن العدالة والتوازن بين طرفي المعادلة وهذا ما لم تهتد وزارتنا المبجلة إلى تطويره بعد. أحد الأصدقاء من سكان المناطق الحدودية لم تسعفه قدرته المادية أو وضعه الاجتماعي على السفر إلى البلاد البعيدة المفضلة عند الوزارة أو الالتحاق بالجامعات الحكومية باهظة الكلفة في دول الجوار فالتحق بإحدى الجامعات الخاصة لدراسة الماجستير بعدما تأكد من تطابق منهجها الدراسي مع مناهج الجامعات المتميزة واستعرض كادرها التعليمي فوجدهم أعلاما في تخصصاتهم يحملون الدرجات العلمية العليا ثم اغتبط حين علم أن بعض قادة الجامعة قد عملوا لسنين طويلة في جامعات المملكة العريقة، اكتملت في ذهنه المقومات المعقولة فتوكل على الله وانتظم لعامين كاملين قبل أن يحصل على إجازة الماجستير ويقيم الأفراح التي لم يكدر صفوها سوى رفض وزارة التعليم العالي معادلة شهادته بحجة أن الجامعة غير مسجلة ضمن قائمة الجامعات الموصى بها وإن كانت تعلم ذات المواد وبنفس الكفاءة فالنظام أعمى كما يقال !، حاجهم بأنه لم يستطع دفع رسوم الجامعات الحكومية وأنه قد انتظم للدراسة ولم يفوت محاضرة واحدة وعلى استعداد لاجتياز أي اختبار في تخصصه لكن أحدا لم يجبه بأكثر من عبارة هذا هو النظام وعليك أن تتقبل الأمر، تجرع الرجل المرارة وتجاهل معاناته وتناسى حصوله على الشهادة حتى فوجئ بأحد زملائه من تلك الجامعة يخبره بأنه قد استقدم للتدريس في إحدى الكليات التقنية، استغرب صاحبنا ولم يستوعب الأمر لوهلة لكنه صدم مرة أخرى حين علم أن مجموعة من الزملاء قد استقدموا للتعليم في المملكة وأن أحدا لم يعترض على شهاداتهم. فخلل نظام المعادلات يضر بالسعوديين دون سواهم، والسؤال المطروح هنا هو: لماذا لا تعتمد الوزارة نظام اختبارات يضمن العدالة كالذي يقام في الكثير من البلاد أو كالذي تعتمده هيئة التخصصات الطبية لاسيما مع نضوج الكوادر وتوفر الهيئات التعليمية القادرة على الاختبار والتقييم بنزاهة وعدالة.
سعيد شهاب
Sds1331@hotmail.com
* نقلاً عن صحيفة عكاظ
|