صمت يشعر بالألم ...وفقه منتكس ..وحياء غير مبرر
لازال المصلون في يوم العيد منقسمون إلى ثلاثة أقسام : قسم تستطيع أن تسميهم قسم (الصامتين ) وإن شئت (المحجمين ) وهـم الســواد الأعظم في الحضور.. ســواء كانوا كبارا أو صغرا.. متعلمين أو غير متعلمين وسواء كانوا ملتحين أو غير ملتحين وســواء كانوا أئمة مساجد أو غير ذلك وسـواء يحملون شهادات عليا أو لا يحمون وسواء ( الكاشــخين ) بالمشالح أوغيرهم ..فحالهم ســواء ..وعددهم غثاء ..ومصابهم بلاء ..فلا تجد أحدهم في المصلى ..إلا قـلقا.. يلتفت يمنة ويسرى أو ناظرا لســاعـته أو جواله..
استعجالا..وتململا ..همه متى يمضي الوقت ..ومتى تنتهي الصلاة ..وفوق ذلك ..لا تراه ينطق بكلمة واحدة من تكبير أو تهليل بل ينظر لمن حوله ممن يكبر أو يهلل بصوت مرتفع شـزرا و استحقارا واستغرابا وكأنه يقول له ( أصمت يا هذا ..لقد أزعجتنا .. برفع صوتك ..كل الناس تعرف تكبر.. كفى نفاقا ) عدى هروبهم هذا القسم جماعيا من حضور الخطبة والتي هي مكملة للصلاة فهم كأنهم سجناء فتحت لهم الأبواب فلا يلوي أحد على أحد إلا في الطرقات ..كأنهم يساقون بالعصى أو تحت أقدامهم جمر ولظى ( كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة ) فالله المستعان وهو الهادي إلى سواء الطريق..
أما القسم الثاني فهم ( قســم االذاكرين الله تعالى.. ولكن على استحياء وخجل وخوف ....فلازال أحدهم في صارع مع نفسه الضعيفة وعزيمته الأســيفة .. يســتل صوته بين أضلاعه بصعوبة.. ويجر أنفاســه المخنوقة .. ورأسهم من الخجل منكوس . قد ناهز عمره الأربعين و الستين ولم يملك من الشجاعة أن يجهر بصوته أو يعتز بذكر ربه ..لانه لازالت لوثة الجهل تطارده وعقيدة الآباء تقيده. ..وعلمه الكثير لم ينفعه ..لا تكتشــف أحدهم من حولك إلا من خلال ملاحظة حركة شــفتيه ..ظن أن صوته عورة أو منقصة أو مسبة .. وود لو أن أحدا لا يسمعه أو يلاحظه ..أو يكتشفه ..حتى لايقال .. هذا مطوع أو متشدد ..أو طالباني ..وصدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم )حينما قال في آخر الزمان (..حتى إن الرجل ليُعيَّر بصلاته كما تُعيَّر الزانية بزناها .... )
والقسم الثــالث وهم القســم (الذهبي ) وهم القلة الذين تفرقوا هنا وهناك في أرجاء المصلى هذه الثلة القليلة هم الذين أحــيوا الســنة في هــذا الـيوم العظيم ..أحيا الله قلوبهم بالإيمان ورفع الله ذكرهم بين الأنام ..وأعلا شأنهم يوم الزحام .. أولئك هم الرجال حقا ..الذين لم يمنعهم جهل مركب أو حياء مزيف ..أو تصنع غير مبرر..أو كبر مورث..أن يرفعوا أصواتهم بالتكبير والتهليل لله رب العالمين في موضع يحبه الله تعالى ويباهي بهم ملائكته ..فطوبى لهم أولئك الرجال المتقون .. المحتسبون ..الذين عظموا الله تعالى حق التعظيم وطبقوا سـنة رسوله (صلى الله عليه وسلم ) .. في مكان اندثرت فيه هذه السنة وأحجم الناس عنها لغير عله ..وتواصوا بتركها بغير حجة ولا أدلة..
فإلى متى يا أخي المصلي الكريم لم تستفد من علم الله الذي علمك.. و متى تظهر حبك لله تعالى ورسوله _صلى الله عليه وسلم ...إذا لم تطبقه وتظهره وتستفد منه فى مثل هذه المناسبات العظيمة وهذه المواسم الكريمة..
فهلا نراك أخي غــدا ممن تصدع بذكر الله تعالى عاليا معتزا به مفتخرا بذكره متوكل عليه ..أو ســوف تبقى في عداد النساء وعلى عقيدة المستحين بلاحياء .. والمتكبرين بلاعـزاء .. والزاهدين بغير زاد
فالله أكبر والله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ..الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
عقايل العنزي
|