|
مناظرات كونية 1-2
وأنكسف القمر وبان الأمر المر
الحمد لله مكور الليل والنهار ومصرف الشهور والأعوام والصلاة والسلام على خير الأنام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام أما بعد :
نظرت في السماء فلاح لي ذاك القمر المنير الذي انخسف قبيل اكتماله فأصبح كالحسناء التي ارتدت خمار أسود تلحفت به عن أعين الناظرين وكأنّ الناظرين لم يرتقوا للمستوى الذي وصلت إليه .
فلوحت بيدي لكي أسلم على هذا الوجه المستنير بنور الله فقلت مرحبا يا شهر محرم فقال لي والدمع ينهال من عينيه والهالات السوداء تحيط بمقلتيه يا سليل المجد ما بال الناس اليوم لم يعتبروا برؤية الهلال والأقمار إنها آيات كونية ودلائل شرعية من الواحد القهار على قرب خراب الزمان كسوف وخسوف وبراكين وزلازل هنا وهناك .
فقاطعت مستأذناً يا قمر الأقمار ويا سيد الأقطار أنت القمر تشاهد مرور السنين وتعاقب الدهور على مدى العصور فهل كان الزمن الذي يذهب يعود بل إن البشر أنفسهم يختلفون بل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ما من زمان يأتي إلا والذي بعده شره منه حتى تلقوا ربكم فقال صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وصدقت يا سليل .
فقلت : ما لي أراك يا وجه القمر حزين والخاطر منك عليل ودمعك مدرار كليل .
فقال : لي صاحب والحسرة تكاد تعتصر فؤاده تلكم الحروب الطاحنة للشعووب والمذهبة للقلوب نالتني منها الخطوب يريدون الصعود لسطح القمر لكي ينقلوا خرابهم ودمارهم في شتى بقاعي ومختلف أرجائي فربُ يا رجائي انت وليّ كن لي منهم ناصرا ومعينا فالأرض من تحتهم زلزلوها فخرابهم وكوارثهم التي لا تفرق بين صغير وكبير ولا غني ولا فقير ولا شريف ولا حقير ..!
فثقالت الكلمات في لساني وأنى لها الخروج فقلت : نحن في أواخر الزمان والعلم عند الله فكيف تريد البشر أن يكونوا إلا في أبشع صور البشرية أصبحت المدنية المادية هي الهدف المنشود واليوم الموعد واللواء المعقود الذي يتنافسون فيه فتهلكنا كما اهلكت من كان قبلنا فالدنيا ممر وليس للتعبيد فيه نصيب بل أشواك وأبواك تحيط به من كل جانب فالقنطرة صبعة الاستشراف والأكمة مرتفعة الاستعطاف لن يرتقي على صوتها إلا الأبرار الأشراف الذين كانوا عند الزيغ في انحراف ومن الدنيا لبسوا أثواب الذل لله ومن الذنوب الحتفوا بالخوف والرجاء والمحبة والاعتراف .
فقال : صدق كلامك وأصح الله قلبك ونيتك ولسانك فآيات الله تعالى فيّ واضحة جلية ولكنها أصبحت لبعض الناس تحفة فنية وكارثة طبائعية يتضارون في رؤية القمر عند الانخساف والانكساف ونسوا أنها نذير من رب العالمين لعلهم يرجعون ولكن أكثر الناس لا يعلمون ولا يشكرون ولا يعقلون إسفاف ما بعده إسفاف وإسخاف منا بعده إسخاف كل هذا وجسمي يتهالك كل فترة بالانخساف .
فقلت : إذا عاين الناس أمر الله تعالى عيانا بيانا ، وأتى ما ليس لا مرد له عرفوا ذلك وكانوا جميعاً خائفين من المهالك فضعوا من الأصابع الندم ولات حين مناص .
فقال لي موداعاً إن الشمس تريد أن تتكلم معك بكلام ذو شجون فقلت لها على الرحب والسعة ، ولكني لعلي أرجئها للمقال القادم بإذن الله تعالى وسوف أعدك بالانبساط معها قدر الإمكان .
فعناقني نوره واستبشر وحلّ نوره وازداد سروري وسروره .
وإلى اللقاء أخوتي في الجزء الثاني من مناظرتي مع الشمس
محبكم
محمد كياد المجلاد
|
