قلوب من صفيح
قد يتبادر إلى نظرك , وأنت في جولة صباحية , في مناطقنا حدودية , وسط أجواء أقل ما توصف بأنها أجواء قارصة البرودة (بيوت) من صفيح تكتسح الأفق , وتملئ ما بين الجبال المتاخمة للمدينة , فيبدأ خيالك العاطفي , وقلبك الإنساني بتخيل الوضع هناك , (بيوت) لا تدفئ ولا تغني من برد تضم بين جنباتها بشر من لحم ودم , لحم بارد ودم جامد .
ولو اقتربت أكثر لشاهدت ذلك اللمعان الباهر, والخارج من بين (البيوت ) ,لتكتشف بنفسك أنه ليس سوى انعكاس أشعة الشمس المبكرة على ذلك الصقيع المتكون على جنبات تلك (البيوت ) لتقف مع نفسك للحظة , ويسير بك خيالك إلى ابعد من ذلك , فترى في تلك اللمعة دمعة في عين طفلة صغيرة لا تغادرها , خشية أن تتجمد تلك الدمعة في طريقها إلى ذلك الخد البائس .خشية ان تنطق الدمعة لتقول لك أنه ليست فقط تلك (البيوت ) من صفيح , بل أن قلوبنا نحن أيضا من صفيح , ليست فقط أطرافها المرتعدة هي الباردة , بل أن مشاعرنا نحن هي الباردة .
تصحو من غيبوبتك الآنية , لترى نفسك وقد ابتعدت في التفكير أكثر مما يجب وأن هذه (البيوت ) ليست ألا من صفيح , وأن من فيها ليسوا سوى بشر , وأن الأجواء ليست أكثر من متجمدة , تصل إلى بيتك الدافئ , تعود لفراشك الثقيل لتكتشف أن لنا قلوباً من صفيح .
* أعتذر لكل من هم هناك لتسميتي تلك الأشياء ببيوت .
طارق الحمراني
عضو جمعية الثقافة والفنون بمطقة الحدود الشمالية
عضو النادي الادبي بالمنطقة
|