تصور أشد الرجال غيرة. وليكن أنت إن كنت صاحب غيرة ، ثم اجعل لنفسك قدرة نافذة وسريعة ولا يحاسبك أحد ، فلا أحد يجرؤ على ذلك ، وإذا برجل قد أكرمته وأعطيته كل ماطلب وفوق ماطلب على ألا يعصي لك أمرا ،وطلبت منه أشياء قليلة جدا مقارنة بأعطياتك له ، لكن قد استهان بك وبأوامرك وارتكب مانهيته عنه بل ارتكب أمرا قد حذرته من فعله مرات عديدة وتوعدته وعيدا شديدا إن فعله ، فعاند ولم يبالِ بوعيدك واستخدم كل ما أعطيته بهذا الفعل وقام بفعل الفاحشة أمام عينك بامرأة تخصك ، داخل بيتك الذي أعطيته له .... كيف تفعل به ؟؟
فكتمت غيظك وحلمت عليه، وإذا به يحدث الناس أمامك وبوجودك بما فعل وانت تسمعه وتنظر إليه وهو يعلم يقينا بقدرتك عليه ولايبالي ، ثم يطلق ضحكة مدوية فرحا بفعلته تلك ، وانت تنظر إليه ويعلم غيرتك وشدة بطشك ، ولم يكتف بهذا بل دعا بعض أصحابه الذين قد أكرمتهم كما اكرمته ونهيتهم كما نهيته ، دعاهم ليفعلوا كفعله أمام مرأى منك ومسمع فاستجابوا واجتمعوا بنساء أنت تعرفهم ويهمك أمرهم ففعلوا تلك الفعلة المشينة أمامك. كيف ستفعل بهم تلك اللحظه؟؟
تنفذ وعيدك وقد استحقوه؟؟*
تترك أعطياتك معهم ؟؟
أم تعطيهم زيادة ؟؟
أم تمدهم بما يستعينون به على تلك الفاحشة تلك اللحظة ؟؟
*وهذا كله مع شدتك غيرتك ونفاذ قدرتك ...
ثم تذكر حديث " ياأمة محمد والله مامن أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته "
إذا تأملت هذا كله وتدبرته تبين لك أمران :
أولاهما عظيم حلم الله جل في علاه.*
والآخر هو أن الله لم يجعل هذه الدنيا دائما دار جزاء ، فلم يجعلها ثوابا للمطيع على طاعته ، ولا عقابا للعاصي على معصيته ، وإنما يقال للجميع في هذه الدار (( اعملوا ماشئتم ))
وتدبر " أفمن يلقى في النار خير أمن يأتي آمنا يوم القيامة ؟ اعملوا ماشئتم إنه بما تعملون بصير "