ربما يتعلم الانسان عبر رحلته منذ الميلاد وحتى الموت كيفية النظر الى الحياة، فقد تجبر الظروف بعضنا على ارتداء النظارات الطبية فى مراحل مبكرة من العمر، وقد تؤجل هذا القرار لمراحل متقدمة كلما اقتربنا من الشيخوخة، وفى الحالتين من الواضح ان هذه الظروف تتعاطف معنا كثيرا، فى حال نجاحنا فى تعديل مستوى اعتلال هذا البصر، وفى حال اقناعنا ايضا بعدم الحاجة اليه. من السهل علينا ان نكتشف بسهولة بالغة ان الكثير من اخواتنا واقاربنا واصدقائنا ومعارفنا قد الفوا زيارة طبيب العيون فى طفولتهم بعد ان تم التاكد من ان عدسة النظارة هى الحل الوحيد للتصرف مع تلك الحياة، وهناك منهم من يعتاد على تلك النظارات وخاصة بعض تطور نوعيتها واشكالها وقدرتها على التعامل مع الشمس، حتى اصبحت هذه العدسة جزءا منهم، فتطورت وأعيد تصميمها لكى تلائم تطور شخصياتهم، وهناك منهم من لم يتأقلم مع طبيعة النظارة الطبية ورؤية الحياة من خلال عدستها، فظلت علاقاتهم بالعدسات الطبية فى كثير من الاحيان علاقة الحاجة اكثر منها علاقة الاختيار. ولكن يبقى الاهتمام بالنظارة الطبية وبنظافة عدستها واحدا من صفات الشباب، ذلك لانهم غالبا من كنا نجدهم يحافظون على الحد الادنى من العناية بتلك العدسات. وبعد مرور سنوات الشباب نجد ان هذا الاهتمام سرعان ما يبدأ فى التعقل، ويظهر ذلك فى نوعية النظارات وتكلفتها وألوانها وبموضات اشكالها وبخامات صنعها، وربما كانت اسعارها هى الدليل الوحيد على الفارق بين عدسة واخرى. ومع تقدم السن وبداية الدخول فى دائرة الشيخوخة نجد ان الاهتمام بالنظارة الطبية يبدأ فى التقلص، فنلاحظ عدم الاعتناء بها وتجاهل نظافتها وتلميع عدستها، ونجد من المألوف ان المحيطين بنا من كبار السن عدساتهم معتمة اومشروخة، وبرغم ذلك فهم لايبالون بنظافتها او محاولة اصلاحها او تغييرها اذا ما تعتذرت جهود الاصلاح، وتختفى فى هذه المرحلة من العمر كافة انواع الشكاوى من هذه النظارات بأذرعتها البلاستيكية غير الثابتة وبعدساتها المعتمة بحكم عدم تنظيفها او بحكم عدم جدوى النظافة مع تقادمها. وأخيرا، يبدو ان الحاجة الى كل من النظارات والعدسات تقل بمرور السنوات فبعد ان تكتسب فى الطفولة والشباب صفات التغيير والتنافس وقيمة السعر، تفقد مع الشيخوخة قيمتها كسلعة لتبقى فقط مجرد حاجة يومية لا علاقة لها بالبصر، والسؤال هل يثبت عدم اهتمام كبار السن بنظافة عدسات النظارات الطبية والاعتناء بها انتهاء وظيفتها لديهم فى النظر الى الحياة؟، ام يثبت عدم الحاجة اليها فى هذا السن أن النظر الى رحلة الحياة قد يحتاج منا الى شئ آخر غير النظارة الطبية؟.