الكفاءة بين الاجتماعية والعلمية
في زمن ليس ببعيد, لم تدخل الوساطات والمعارف والأهواء الشخصية في تقييم طلاب المدارس, وكانت الاختبارات منذ دخول الطالب للصف الأول الابتدائي وحتى تخرجه من مرحلة البكالوريوس تحدد المستوى العلمي له, مع بعض الشوائب في بعض الجامعات من ناحية التقييم وتحديد المستوى, لكن يبقى المتميزون محتفظون بالصدارة, فلا يستطيع أيا كان, سواء كان مدرسا في التعليم العام أو أستاذا في كلية أن يجعل من غير المتميز متميزا وفلتة, إن لم تسعفه درجات التقييم , لكن سمعنا عن أساتذة ساعدوا طلابا يستحقون الرسوب وتجاوزوا عنهم حتى تمكنوا من النجاح بالحد الأدنى.
بعد التخرج من مرحلة البكالوريوس, تنطلق هذه الطاقات البشرية لتشارك في بناء المجتمع وتنمية الوطن بالتحاقهم بسوق العمل كل حسب تخصصه, ولكن بعد الانخراط في العمل الحكومي تحديدا, تجد أن المعايير قد اختلفت والتقييم قد تغير, فالمعايير التي يتم من خلالها الحكم على تميز فرد ما وكفاءته يشوبها شوائب كثيرة وتؤثر فيها أمور عده, أهمها وأقواها تأثيرا هو المهارة الاجتماعية, أو بمعنى صريح مدى تغلل الفرد اجتماعيا وما لديه من معارف ووساطات تجعل منه متميزا وكفئا حتى وإن لم يكن كذلك, شواهد هذا الأمر كثيرة جدا خصوصا في العمل الحكومي (ولا أعمم), لا ادري هل هو نبوغ متأخر لمثل هؤلاء المتميزين كما حصل مع النابغة الذبياني, أم أن هناك خللا وثغرات في نظام العمل الحكومي جعلت من الممكن وضع أفرادا غير مؤهلين أو غير أكفاء في أماكن كان من المفترض أن يشغلها من شهد لهم تاريخ طويل من التميز والكفاءة العلمية, قد يقول قائل أن المهارة الاجتماعية مهمة جدا وهي دليل تميز, وهذا صحيح في مجالات محدودة, لكن يجب أن لا يسمح بان تطغى المهارة الاجتماعية على الكفاءة والمهارة العلمية خصوصا في مجال العمل المبني على التخصص, فالمهارة الاجتماعية لن تجدي نفعا في انجاز عمل تخصصي, وقد تجتمع المهارتان في شخص واحد (ليش لا, ربك يعطي الجنة),
وبنظرة على القطاع الخاص نجد أنه لن يرضى ولن يسمح بمثل هذه التجاوزات, فالمعيار الوحيد لدى القطاع الخاص هو الإنتاجية وجودة الأداء, فما فائدة موظف غير منتج, بل على العكس سيكون عبئا على ميزانية المؤسسة أو الشركة, لذا كان التقييم صارما والعمل جديا, والشواهد ومؤشرات الأداء واضحة للجميع, وهذا ما يكون معه صعبا إن لم يكن مستحيلا أن تصنع من غير المتميز متميزا في القطاع الخاص.
إذا ما هو الحل وكيف يمكن أن نجعل التقييم في العمل الحكومي صادقا ومبنيا على الإنتاجية وجودة الأداء ؟
مرضي المهنا
murdhi_almhnna@
rakan8855@hotmail.com