حذاء السيدة ....!
من المفارقات العجيبة التي تدور حول أفلاك بعض العقول في هذه الأزمنة تلكم النظرة الإسكافية من السيدة الكريمة صاحبة الحذاء العالي الذي هو مطرقة وسندان حديثنا لكم أيها الأحبة .
ولعل القارئ لبُنيات أفكاري يتعجب ويقول ما يريد ذلكم المتفكه فأقول له ولغيره أصبر لعلك ترى عجباً وإن لم تعش رجباً ، ولهذا المثل المثل العربي الرجبي قصة مليحة أحببت أن أضعها كالتوطئة بين أيديكم فلقد كان للحارث بن عباد امراةٌ سليطة (وبرواية أهل البادية قوية رأس) فطلقها وأرادت أن تتزوج من رجل آخر ... ، وأن هذا الرجل لقي الحارث يوماً فأعلم الحارث بمنزلته عند المرأة وأنه رأى منها الطاعة والخدمة ومقومات المرأة الأنثى وأنها المرأة المثالية التي يحلم بها كل رجل .
فقال الحارث : "عش رجباً ترى عجباً " شبه مدة تربصها في بيتها بشهر رجب الذي لا يكون فيه حرب فإذا انقضى حدثت الأهوال يريد أنه إذا عاشرها رأى من سوء عشرتها عجباً وصارت بينهما حروب وسجال .
فهذا المثل العربي الأبيّ يحلق بنا في رحلة حقيقية فلقد كانت المرأة في الزمن الماضي مع ما تمر به من عتاوة الزمن وقهر الرجال والتربب في المنزل الكائن بظهر الصحراء كانت متفهمة لطبيعة الرجل تسعى لخدمته ، وتستميت لمحبته فكانت كما يقال شمعة تحرق نفسها لتضيء للآخرين . أما في هذا الزمن المغبّر بالفتن الذي يَرزحْ بالتغيرات والتقلبات المناخية في الحياة الزوجية لقد حدثت هذه المفارقات التي تحدثت عنها إبان مقدمتي لهذه المقالة .
يسمع الكثير منا بل يمر به من حوادث المجتمع من استغناء بعض النساء عن الرجال وتسلط النساء على الرجال في زمنٍ حارت فيه عقول البلغاء والحكماء من تشريح جثة التغير وماهية الفتن التي عجزت فنون الطب عن إداركها فكان الرجل كالحذاء للمرأة كما يحلو لبعضهن تسميته تنزعه بقرار الخلع أو الفسخ إن ملت منه أو استغنت عنه إما بغيره وإما بوظيفتها مع أن الرابط كان بينهما وثيق ومقدس ، وكانت في الزمن المغبّر ذاته قد استمات بالدعاء والتضرع على أبواب الخضوع والتضرع والخشوع لله رب العالمين أن يزوجها زوجاً مفصلاً تفصيلاً في إحدى محاريب العبودية التي طالما تساقطت دموع تماسيحها على جنباتها فباتت في بدايات الأمر كالأنموذج الأول من النساء تستميت لإرضاءه واليوم نشاهد وتشاهدون طغيان المادية عليها فتلبست على ضفاف التدين المحذلق لا التدين الصحيح الذي لحفت به بلبوس الضأن فبات هذه الأخت الفاضلة صاحبة الكعب العالي يرتفع صوتها في أرجاء الكون ولقد وضعت الكرة الأرضية القطن في أذنيها من نشاز صوتها الأثيم فأرتفع صوتها الأنثوي فبات يزمجر على ذلكم الرجل الأبيّ فلا حول له ولا قوة إلا بالله وبالسمع والطاعة وتقديم القرابين وبزخرف القول والبضاعة كيما يرضي هذه الاسكافية المتعجرفة .
ولقد مر بي حديث نبوي يحاكي قصة هذا المثل فعن أسماء بنت يزيد الأنصارية قالت: "مرَّ بيَ النبي صلى الله عليه وسلم "وأنا وجوارٍ أتراب لي فسلّم علينا، وقال: "إياكنَّ وكفرَ المُنْعمِين"، وكنتُ من أجرئهن على مسألته، فقلت: يا رسول الله، وما كفرُ المنعمين؟
قال: "لعل إحداكنَّ تطول أيْمَتُها من أبويها، ثم يرزقها الله زوجاً، ويرزقها ولداً، فتغضب الغضبة، فتكفر، فتقول: ما رأيت منك خيراً قط"(1) .
فهذا الكلام في العهد النبوي الشريف فما بالكم بهذا الزمن الذي كثرت فيه الإسكافيات ، فكان الواجب من هؤلاء النسوة اللاتي تجردن من نون النسوة ، وارتفعت فوق محياهن جمع التكسير لتكسير مجاديف أزواجهن المساكين .
فأقول لهؤلاء الأخوات الكريمات احمدي الله ربك على أن منحك زوجاً فغيرك منه محروم لهذه النعمة العظيمة أو مُنع منها بسبب أو بأخر فهو أيتها المباركة جنتك ونارك فكوني إيجابية في اختيارك ، وفي تعاملك مع زوجك فطاعته خير لك من طاعة والديك ، وأعظم اجراً ولا تهتمي بكلام هؤلاء المتعجرفات الإسكافيات فنظرتهن لا تتعدى أصابع أرجلهن المتعفنة بالنتن والتعالي اللامحدود التي تأصل بهن عبر الجدود فهؤلاء قد رمينْ النصوص الشرعية وراء ظهورهن فالعبرة بالطاعة واحتساب الأجر على الزوج فوالله وبالله وتالله لو أحسنت المرأة لزوجها لذات الاحتساب وبغية رضا ربها لهيأ الله لها صلاح زوجها واستقرار حياتها الزوجية والأسرية التي ترفرف حولها طيور المحبة والإنعام بإذن الله تعالى .
كنت قد نويت كتابة هذا المقال في الأشهر الماضية ولكني تريثت قليلاً لجمع المادة العلمية واحتواء الموضوع ، ولقد رأيت عجباً وقد عشت رجباً فنترث لؤلؤ كلامي على جنبات طريق النصح والله المقصود من وراء ذلك فإن تم المقصود فلله الحمد على تمام المنة والتسديد وإن أبت الإسكافيات ذلك فالحق أبلج والباطل لجلج .
محبكم
محمد بن كياد المجلاد
أبو أسامة
twitter.com/Scion5000
_________________________________________
(1) رواه أحمد 6/457، والبخاري في الأدب المفرد(148) والترمذي(2697) وحسنه، والطبراني في الكبير 24/177، والحميدي في مسنده 1/179، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (800).
|