وإنا على فراقك يافرحان لمحزونون
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الباقي وكل شيء هالك إلا وجهه , وصلى الله وسلم على نبينا الهادي , الذي مامن مصيبة تصيبنا إلا وهي أهون من مصيبة موته صلى الله عليه وسلم أما بعد .
لقد أخرجت القلم من أكفانه , بعد أن كبرت عليه أربعاً ,و دعوت الله أن يتقبل أعماله ويتجاوز عن الزلل والخطأ , وما أخرجه أمر يسير ولا هين , بل هو عظيم .
كيف لا وهو فراق أخ عزيز , صادق ناصح مشفق , بل هو فراق عضو من أعضائي . كما قال بعض السلف :" إني أخبر بالرجل من أهل السنة يموت فكأنما أفقد عضواً من أعضائي ".
أخي وحبيبي وصاحبي فرحان بن حوضان .
لا أعلم هل أكتب بحبر القلم , أم بدمع العين , فقد اختلطت الدمعات بالكلمات, وسال الحبر على الورقات , وتنافست العينان أيهما تجود بدمعها أكثر من الأخرى , وحق لهما , فلطالما قرتا برؤية وجهك المشرق بنور الإيمان – أحسبك كذلك والله حسيبك ولا أزكي على الله أحدا- فهذا يوم البكاء , وإن لم تبكي العين في مثل هذا اليوم فمتى تبكي , وإن لم تجد بدمعها فما فائدته , والله إن في القلب لحرقة شديدة على فراقك يا صاحبي , وفي الحلق غصة .
لقد عرفتك منبعاً للأدب , معيناً للحياء , لقد جالستك كثيراً , فكنت أنهل من حلمك وصمتك وسمتك ووقارك وحياءك , ولا والله ماغلوت في وصفك ولا زدت في مدحك , فأنت فوق ماوصفتك .
لقد زرت بيتك ولكنك لست فيه , أتيت معزياً أباك وأخاك , ووالله إني بحاجة إلى من يعزيني فيك , أتيت أشد على أيديهما ويداي ترتجفان .
إن مما يقوي عزائمنا , أنا نرجو الخير لك , فقد عرفناك من أهل الخير والعمل , حفظت كتاب الله , فقمت به في رمضان تؤم الناس , ويؤم مسجدك الجموع , يخشعون لصوتك , وينصتون لقراءتك , ويدعون لك , واليوم ازداد الدعاء لك بالمغفرة والرحمة .
عذراً يا أحبتي إن تجاوز القلم , فوالله إني أكتب بقلبي لا بقلمي , ففقد الإخوان والخلان ليس بالهين , فتمسكوا بإخوانكم , وأحسنوا صحبتهم , تجاوزوا عن تقصيرهم وزلاتهم , ادعوا لهم بالتوفيق والغفران , فقد تنزل بهم مصيبة الموت في أي لحظة ..
اللهم اغفر لأخي فرحان ووسع له في قبره واجعله روضة من رياض الجنة , اللهم إنه كان يقوم بكتابك , اللهم فاجعل كتابك شفيعاً له , وأنيساً في قبره , اللهم أزل عنه الوحشة , اللهم أنت ارحم به منا فارحمه , اللهم اجعله ممن يقال له يوم القيامة اقرأ وارق ورتل كما كنت تقرأ وترتل في الدنيا , فإن منزلتك في الجنة عند آخر آية تقرأها .
كتبه
فارس بن مجزع العمار
إمام وخطيب جامع الفوزان .
|