واجب المسلم نحو أوامر الله
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد :
إن من المتقرر لدى كل مؤمن أن الله العظيم الخالق الجليل – سبحانه - لم يخلق خلقه عبثا ، ولم يوجِدهم سدى ؛ فهو عز وجل منزَّه عن العبث واللهو واللعب ، تعالى وتقدس وتنزه عن ذلك ، بل خلقهم لغاية عظيمة وحكمةٍ جليلة ؛ خلقهم تبارك وتعالى بالحق وللحق ، يقول الله تبارك وتعالى لأهل النار مقرِّعاً وموبخا : ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾
وإذا تأمل المسلم هذه الحقيقة العظيمة يأتي في هذا المقام سؤال من الأهمية بمكان ، ألا وهو - ما واجبنا نحو ما أمرنا الله به ؟
ذكر أهل العلم - رحمهم الله – سبعة أمور تجب علينا نحو كل ما أمرنا الله به من توحيدٍ وصلاة ، وصيامٍ وحج ، وصدقةٍ وبر ، وغير ذلك من الطاعات والأوامر الواردة في كتاب الله وسنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم .
أمَّا الواجب الأول : تعلم المأمور والعلم به ومعرفته ، ولهذا جاءت الدلائل الكثيرة في الكتاب والسنة حثاً على التعلم وترغيبًا فيه وبيانًا لفضله وعظيم عوائده وآثاره ، وفي الحديث الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام: ((مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ )) .
الأمر الثاني : أن نحب ما أمرنا الله به ، أن نعمر قلوبنا بمحبة ما أمرنا الله جل وعلا به ، لأنه عز وجل لا يأمرنا إلا بما فيه الخير والفلاح ، ولا ينهانا إلا عما فيه الشر والبلاء ، فنحب المأمور ونعمر قلوبنا بمحبته ، وفي الدعاء المأثور عن نبينا عليه الصلاة والسلام: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ أَحَبَّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَى حُبِّكَ)) . وليحذر المؤمن أن يكون في قلبه شيء من الكراهية والبغض لأوامر الله أو أوامر رسوله عليه الصلاة والسلام ، قال الله تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ .
الأمر الثالث : أن نعزم عزماً أكيداً على فعل ما أمرنا الله تبارك وتعالى به ، والعزيمةُ حركةٌ في القلب ، وتوجُّهٌ إلى الخير، ورغبة وحرص على فعله ، وفي الدعاء المأثور: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ)) .
الأمر الرابع : أنَّ نفعل ما أمرنا الله به وأن نقوم به راغبين طائعين ممتثلين لله جل وعلا منقادين لأمره فنحن عبيده ؛ وواجب العبد الطاعة لسيده ومولاه ، وفي الدعاء المأثور عن نبينا عليه الصلاة والسلام ، بل كان يدعو به كل يوم بعد صلاة الصبح: (( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا ، وَرِزْقًا طَيِّبًا ، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا )) .
الأمر الخامس : أن يقع العمل على الإخلاص والصواب ؛ أن يقع العمل خالصاً لله ، صواباً على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالله جل وعلا لا يقبل العمل إلا إذا كانت هذه صفته .
الأمر السادس : أن نحذر من مبطلات الأعمال ومفسداتها ومحبطاتها، وهي كثيرة جاء بيانها في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، كالرياء والنفاق وإرادة الدنيا بالعمل والسمعة ونحو ذلك من مبطلات الأعمال
الأمر السابع : الثباتَ الثبات ؛ أن يحرص المؤمن على الثبات على الأمر ، أن يثبُت على ذلك ويجاهد نفسه على الثبات ، ويسأل الله جل وعلا أن يثبته على دينه ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾
فهذه - أخوة الإسلام - سبعة أمور عظيمة تجب علينا نحو كل ما أمرنا الله به : العلم به ، ومحبته، والعزيمة على فعله، والعمل ، وأن يكون العمل خالصاً صوابا ، والحذر من مبطلات الأعمال ، والثباتُ عليه إلى الممات. ثبَّتَنا الله أجمعين بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، وهدانا إليه جميعاً صراطاً مستقيما.
أخوكم :
د . عايد بن عبيد العنزي
جامعة الحدود الشمالية