05-22-2013 07:37 AM
نواف النادي
مشاهد من مآسي اللاجئين
الساعة الثانية ليلا وإذا بجرس هاتف الأخ نضال يرن, اتصال من الجيش الأردني يفيده بوصول عائلة سورية جديدة نازحة إلى الأردن ،فينطلق من لحظته مع بعض إخوانه, لاستقبالها, فهذا هو عمله بتلك الجمعية الخيرية وهو استلام العائلات الجديدة وتقديم المساعدات الأولية لهم إلى حين تأمين المسكن من قبل باقي الإخوان, فهاهو يستلم العائلة من الجيش وقد أنهكهم التعب والإعياء والمرض وفي الغالب يكون معهم المصاب الذي فقد قدميه بانفجار لغم, أو قطعت يده أو بقر بطنه أو أصيب بوجهه وذهبت عيناه وأنفه, فالصواريخ والدبابات لاترحم ولا تفرق بين الصغير والكبير, والقوي والضعيف والرجل والمرأة, فيسعفهم إلى مستشفى الرمثا العام, لكن نضال يعلم أن المستشفى لايستقبله ولا يعالجه مالم يدفع مبلغا معينا تحت الحساب, وإلا فلا يدخل للمستشفى ولو مات على الباب, فيبقى المصاب ينتظر عند باب المستشفى وينطلق نضال يبحث عن محسن يتبرع بتكاليف العلاج, فأحيانا ييسر له الله تعالى محسنا من قريب, وأحيانا لايجد المحسن والمتبرع وإلا وقد فارق المصاب الحياة جراء النزيف المستمر, هذا ليس أسطورة أو خيال أو مشهد من فيلم, بل هو واقع يتكرر يوميا تقريبا, مما جعل ملف تجهيز الموتى ودفنهم قد أصابه العجز وتراكمت عليه الديون, وقد امتلأت المقابر بالرمثا ولم يجدوا مكانا للدفن حتى يسر الله تعالى لهم محسنا أوقف أرضا لتكون مقبرة.
- من المشاهد المحزنة بل المبكية أن الحامل إذا أصابها الطلق فتأتي للمستشفى وتستغيث ولكن لامجيب مالم يكن معها 500 دينارقيمة الولادة الطبيعية، وإن كانت تحتاج عملية قيصرية فلا أقل من 1500 دينار، لذلك من الطبيعي أن ترى الحامل تلد عند باب المستشفى, مما جعل الحوامل يجمعن التبرعات عند أبواب المساجد تحسبا لهذه اللحظة.
- مما يتقطع له قلب المسلم إن كان به حياة أو شم للرحمة رائحة مشهد المرأة وهي تبكي عند باب الجمعية تريد دينارا واحدا لتشتري به الخبز لأولادها الصغار, بل قد يصل الأمر من بعض النساء أن تقول لمدير الجمعية والعاملين فيها "إذا لم تساعدونا فسوف نرتكب الحرام" , نعم هي لاتهدد ببيع عرضها، بل هي صادقة في قولها هذا فإنها ترى صبيانها يتضاغون بين يديها من الجوع ولا تملك لهم كسرة الخبز، وقد سدت في وجهها كل الطرق المباحة، وتخلى عنها المسلمون والأغنياء والأثرياء، فلم يبق أمامها إلا إخوان الشياطين ومن يساومها على عرضها.
يا َلله يا ِللمسلمين من لنصرتهم؟ من لإغاثتهم؟ من لإنقاذهم؟
إن المال مال الله أنعم به علينا , وأنعم علينا بالأمن والإيمان, فلو شاء الله تعالى لذهب ذلك كلُه ولأصبحنا كحالهم وهم كحالنا, فلك أن تتخيل كيف يكون شعورك وأنت تصارع الجوع وترى أباك وابنك وأخاك يموت بين يديك بسبب المرض أو الإصابه ولا يجد من يساعده بقيمة العلاج, وترى جيرانك من المسلمين يعبثون بالملايين وينفقونها في الكماليات والدول الغربية من أجل أن يستمتع بالعطلة الصيفية بالأجواء الأوروبية.
أين أنتم يامسلمون من إغاثة الملهوف ونصرة الضعيف؟ أين أنتم من حديث "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى شيئا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " فما رأينا من تداعى لهؤلاء الثكلى والأيتام والأرامل إلا قلة قليلة هم أندر من الكبريت الأحمر علموا بحجم المأساة, وأقض مضاجعهم أنين الجائعين والمرضى والمسنين, فجدوا واجتهدوا وحضوا وجمعوا, تجدهم من الرياض والمدينة ومكة والقصيم والجوف وعرعر وكل مناطق المملكة بل والله رأيت بإحدى الجمعيات بالمفرق من قدم من هولندا يحمل معه المساعدات التي قد جمعها من الجالية المسلمة هناك, بل والكافرة أيضا نصرة للمنكوبين،, ولم يأتِ لأمر آخر وإنما فقط لمساعدة المسلمين, وهناك مَن قدم مِن الصين لتقديم المساعدات للمتضررين.
والله إن العيون تقر برؤيتهم ، والقلوب تحبهم وتأنس بمجالستهم, والألسنة تلهج بالدعاء لهم، كم أطعموا من جائع، وكسوا من عاري، وكم كفلوا من يتيم وأرملة، بل يستئجرون العمارة تحوي ثلاثين شقة فيُسكنون بها ثلاثين عائلة ويتكفلون بطعامهم وشرابهم وعلاجهم، كم سمعوا الدعوات تنطلق من ألسنة العجائز والمسنين والأرامل بالدعاء لهم،فهنيئا ثم هنيئا لهم فسيجدون ذلك كله عند الله هو خيرا وأعظم أجرا.
لكن هم قلة قليلة جدا بالنسبة لما يجب على المسلمين عموما من النصرة والمؤازرة, نعم تجد معهم من التبرعات مايتجاوز المائة ألف والمئتين في كل زيارة لهم, لكن المأساة أعظم بكثير والحاجة مستمرة يوميا, فالحرب طالت وكثير من المحسنين مل وكلّ, ففي كل يوم يزداد العوائل النازحة للأردن, وهؤلاء يحتاجون إلى اسعافات أوليه وعلاج للمصاب وسكن وتأمين الغذاء والدواء, وهذا كله يحتاج إلى دعم وإلى مال.
- وإن كنت أنسى كثيرا من المشاهد المحزنة فلا أنسى ذلك المصاب بالسرطان وقد أنهكه المرض وزوجته مقعده, وقد سكن في شقة بعيدة قليلا عن العمران بحثا عن رخص الإيجار، ولايستطيع العمل بسبب المرض, فلما سلمتُ عليه وجدتُه حامدا راضيا ذاكرا لله تعالى, عليه سيما الصلاح, فسلمته مبلغا من المال قد أحسن به المحسنون وأوصلته إليه، فلما استلمه نظر إليه فإذا هو مبلغ كبير بالنسبة إليه, فانعقد لسانه عن الكلام واغرورقت عيناه بالدموع, وأنساه الفرح ماذا يقول, أراد أن يدعو لكنه نسي الدعاء، فلا إله إلا الله كم نحن مقصرون معهم. فياعباد الله ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ، فأيما مسلم كسا مسلماً ثوباً على عري كساه الله من خضر الجنة ، وأيما مسلم أطعم مسلماً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ، وأيما مسلم سقى مسلماً على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم.
ولا يبعد أن نكون يوما مثلهم بل أشد حاجة منهم ،فالأيام دول والدهر قلب, ولا يأمن الدنيا إلا أحمق, فالحروب والكوارث تكون بين عشية وضحاها وتخلف وراءها من المصابين والجرحى والمشردين من كانوا أعزاء وجهاء، فاللهم رحما رحما.
إخوانكم يستغيثون فمن لهم؟ لايريدون إلا مافضل عن حاجتكم, فلنقتصر على بعض الكماليات وننفق قيمة البعض الآخر لسد جوعة الجائع وكسوة العاري, فوالله الذي لا إله إلا هو لقد رأيت من الشابات من لاتجد ماتستر به نفسها, فلما نصحتها وذكرتها بالحجاب, قالت إنها لاتملكه. وطلبتُ لها لباسا من مندوب الجمعية وقد كان يرافقني في الزيارات, فاعتذر لكون ملف (اللباس الشرعي) قد تراكمت عليه الديون فأوقف صاحب المحل التعامل معهم حتى يسددوا ديونهم.
فمن لستر عورة أخته لعل الله يستر عوراته ويأمّن روعاته, فالجزاء من جنس العمل.
اعلموا يا إخواني أن الله سائلكم عنهم فقد ورد في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة " يا بنَ آدمَ ! مرِضتُ فلم تعُدْني . قال : يا ربِّ ! كيف أعودُك ؟ وأنت ربُّ العالمين . قال : أما علمتَ أنَّ عبدي فلانًا مرِض فلم تعدْه . أما علمتَ أنَّك لو عدتَه لوجدتني عنده ؟ يا بنَ آدم ! استطعمتُك فلم تُطعمْني . قال : يا ربِّ ! وكيف أُطعِمُك ؟ وأنت ربُّ العالمين . قال : أما علمتَ أنَّه استطعمك عبدي فلانٌ فلم تُطعِمْه ؟ أما علمتَ أنَّك لو أطعمتَه لوجدتَ ذلك عندي ؟ يا بنَ آدمَ ! استسقيتُك فلم تَسقِني . قال : يا ربِّ ! كيف أسقِيك ؟ وأنت ربُّ العالمين . قال : استسقاك عبدي فلانٌ فلم تَسقِه . أما إنَّك لو سقَيْتَه وجدتَ ذلك عندي".
قال تعالى ( وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) (البقرة:272)
نواف النادي
|
خدمات المحتوى
التعليقات
#44473 [مهدي شريف]
05-24-2013 08:57 PM
لاحول ولاقوة الا بالله
عاش كثير من اخواننا السوريين في فقر وحاجة عندما كانوا امنين في مساكنهم. فكيف بهم الان وقد هدمت مساكنهم وشردوا
عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم(مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّىّّ)رواه مسلم.
#44477 [المهدي الأسمر السلطاني]
05-25-2013 01:18 AM
بعد السلام بقليل من الكلام وعلى عجل بفضله عزوجل
إبداع جديد مكمل ومتمم لحبر لايتكرر أبدا وشكرآلك على هذا المقال المعبر عن مابي دخلك لإخوانك السوريين
( القلم الحر ) ش-نواف النادي
#44639 [هدى النذير]
05-27-2013 10:44 AM
جزاك الله خير أستاذ/ نواف النادي
على هذه المبادرة بتذكير الناس بإخواننا السوريون ومصيبتهم العظيمة
وحثهم على فعل الخير والمساعدة لهمالتي هم بأمس الحاجة لها في ظروفهم القاسية
ويعلم الله أن ما أصابهم قد أدمى قلوبنا جميعآ وبذلنا مانستطيع لهم
ونطلب الله لهم أن يفرج كربتهم ويزيح الغمة عنهم وينصرهم عاجلآ غير آجل يا الله
وينصر إخواننا المسلمين في كل بقاع الأرض ,,
اللهم ارحم أمواتهم وأحياءهم يا الله ...
|
تقييم
|
|