12-07-2015 12:42 AM
عقايل غردق العرافة العنزي
(20 ) سنة من الصحبة والالفة لم تمنعه من التنكر لها والتخلص
بعد عشرين ســنة من الصحبة والملازمة له في حله وترحاله وفي ليله ونهاره بل وفي مكان منــامه.. وربما زار بــها مــكة أكــثر من مرة وشهدت معه صيام مضان لعشرين سـنة صيامها وقيامها وحضرت معه أكثر من ثلاثــين الف صـــلاة فرضا ..و في ليــلة ظلماء قد كســف فيها قمرالـوفــاء وذهـب فيها ضوء الولاء وضعف فيها حـس المراقبة وحضرت ساعة الإبتلاء..قرر صاحبها أن يتخلص منها بلا رجعـة وأن ينفــذ فيها حكم الاعــدام بلا رحمة .. فأحضر أدوات الجريمة والات الفريسة.. ثم تأهــب لنحرها وجزها.. كانت تنظر إلـيه بكل شــفقة ورحمة في لحظات مذهلة وسريعة ومربكة ..كانت تتصور في أول المشهد أن صاحبها يريد أن ينتحر..ثم قالت في نفسها مسلم يشـــهد أن لا اله الا الله وان محمدا رســول الله و يعلم حكم الانتحار في الاسـلام وأنه من أكبر الكبائر..لا يعقــل هذا ولا يمكن .. وفي هــذه الاثناء وهي تحبس أنفاسها الأخيرة باعتبار مصيرها مصيره.. ثم لــما تقـدم نحوها وأمسك بها والتفــت يــده حول عـنقها ..هــنا أدركت مصيرها و حجم الجريمة التي كتبت على جبينها ..إنها النهاية.. ذهــلــت..بهــتت.. صدمت.. ثم بكت ثم اســترجعت ..وهي تردد ..لا إله الا الله عز ذكره في السراء و الضراء لا إله الا الله منه المبتدأ وإليه الانتهاء ولا حول ولا قوة إلا به لا معقـب لإمــره ولا رادا لحكمه في القضاء . ثم اســــتتسلمت.. ثم تحاملت على نفسها موجهة آخر كلماتها ..لصاحبها .. فــلان .. والله لم أكــن أتــوقع أو يــدر في خاطري أو في نفسي يوما ما أن ترضى أن تمتد يــد نحوي أو يمســك بشعري أو حتى يلمسني..عــدى أن أتصور أن تكون نهايتي واغتيالي بعــد هذه الصحبة الطويلة على يــديك وبإرادتك وبقرارك بعد أن أمـنـت جانبك وزكيت إيمانك وحملت اسمك وأهــنت من أجلك .. فأن كان قد أثر بـك كلام الواشـــين وأزعجك لمز الهـمازين وخدعك سواد المهزمين وأحرجك أخطاء المشوهين ..أو استبطأت الطريق وطال عليك المسير.. أوكنت حجرة عــثرة أمامك طريقك لترتكب ماتـريد .. فو الله ما أعلــم جـــرم قـد ارتكبته فأعــتـذر ولا ذنـبا فأعــاقـب ولا خطيئة فأعاتب ولست ثائرة فاقمع ولا جانية فأردع ولســـت مهــينة فأنزوي ولا عــورة فأختفي...كان حملي على عارضيك خفيف ومؤنتي غير مكلفة ..ولا يمكن أن يكون شكلي بهذا القبح عندك وقد رضي بشكلي وحمله من هو خير منك وأكمل وطهر ..أنا لست صنيعة إرهابية ولا ملة تكفيرية ولم أكـن بقايا استعمارية ولا شعيرة يهودية ولا هندوسية ولا هرطقات جاهلية ولا تقاليد قبلية ولا مذهبية و لاحزبية ..يا صاحبي .كانت أمنيتي التي قـد اغـتلتها في لحدي أن ترافقني حتى نرد على حوض حبيبي و قـرة عيني في يوم يذاد عنه أناس قد بدلوا وغيروا فيقال لهم (.. سحقا ..سحقا ... بعــدا بعـــدا..) فإن أصريت على كرهي ومحاربتي ثم وأدي وازالتي ..بعدما أن كنت نورا يتلألأ في محياك المستــنير بهدي خير المرســلــين .. فعزائي أنه سيبقى أصلي ويستمر نسلي مابقي على الارض من يقول لا إله الا الله محمدا رسول ..مهما استوحش الطريق من قلة السالكين وأظلمت جنبات أسوار الحق باعــتذار الموحدين و تناثرعـقد الصابرين و قل سواد المحتسبين وأقبل جمـــع المتمذهـبـين ومهما كثر ســـــواد المــترددين وتوجت فتاوى المتعالمين وتعالت أصوات المخالفين ..فـــإن لم يكن لإتباعي وأحبابي إلا طريق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم نورا وبرهانا وحجة وقدوة لكان ذلك كافيا لهم ومؤنسا .ليمضوا في دربهم صادقين ثابتين موقنين ومحتسبين وصابرين غير منهزمين ولا مبدلين ..فالأمر إلهي و المشرع النبي...أنا مخلوقة مثلك.. خلقت فتنة للمخالفين ورحمة وأجر للمقتدين . قال المتعالي في سمائه (...وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوزا عظيما ) وقال تبارك ربي ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفوررحيم ) وقال تقدس اسمه (ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى اللّه ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) ( اللهم اجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها ).. والســلام على المتقــين في العالمين ..وســـلام على رجال حملوا هذا الدين علــى اعـناقهم حتى قــطعت .. ثم أســـفي على رجــال لم يتحمل أحدهم كلمة لمز واحدة أو سخرية عابرة في ســبيل أن يبقي شعيرات في جهه طاعة لربــه وحبا في نبيه وقد ضمن أجــره.. فآآآآآه ثم آآآآه من بعد المسافة بينــكم وبينهم ..وقد وردوا جــنة ربهم .. وأنتم لازال أحدكــم يفكر هــل يصلى او لا يصلي .. فــوداعـــا..ثم وداعــــا..وعــند الله تلتقى الخصوم ..ثــم أجهــشت في البكاء وقد تعاورتها سـكاكين الموت تنهشها من كل مكان .. ليحـمل جـثمانها بعد ذلك بصمت ودون مشيعين ولا باكين لترمى في براميل الحاويات ويتفرق حسمها الطاهر في أكياس النفايات ..في منظر يغضب رب الارض والسموات ..فســلام عليك يا لحية رسول الله في العالمين وعزؤنا أن يخرج من أصلابنا ممن يرفع لوائك و يوقرمقامك ويعظم شأنك ويعتزبك .... وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلاة وسلام على المرسلين
عقايل غردق العرافة العنزي
1437/2/20 هـ
|