10-12-2025 10:20 PM عرعر اليوم : يحمل شهادة دكتوراه… بعقلية خرافة وجهل! من "الزئبق الأحمر" إلى تنسيم الرأس… العقل في إجازة! جرت العادة عبر العصور: كلّما تضاءل التعليم، تعاظمت الخرافة واستفحل الجهل المركّب؛ غير أنّ ما يبعث على الدهشة، ويُحيّر العقول، أنّه رغم اتّساع رقعة التعليم، ما يزال الوهم يُسوَّق كالحقيقة، والدجل يزاحم الوعي في كلّ ميدان. تارةً تراهم يروّجون لحليب "تيس". نعم… حليب تيس! في زمن مضى شاع في إحدى الدول العربية ظهور "تيس يُحلب"، وقالوا إنّ حليبه يشفي من جميع الأمراض! لا ألوم من ابتلاه الله بمرض، فالمريض يتشبّث بقشّة أمل، لكن… "أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ"؟! وتارةً أخرى تطلّ علينا نسخة "فاخرة" من الدجل الشرعي: سوقٌ رائج للرقاة، وتشخيصٌ عشوائي (سحر، مسّ، عين). ثم وصفة جاهزة من صيدلية "الوهم العظيم": ماء، وزيت، وبخور. وربما صهريج ماء كامل يُقرأ عليه دفعة واحدة! والأدهى والأمرّ: أن بعضهم يأمر برشّ الملح في زوايا البيوت بزعم أنّه يطرد الجن. وما ذاك إلا لون من الشعوذة، غفل صاحبه عن قول النبي ﷺ: «إن الشيطان يفرّ من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة». أيّ عبثٍ هذا؟! لا في زمن النبي ﷺ وُجد، ولا في عهد الصحابة رضي الله عنهم! (لا أُنكر وجود العين والسحر والجن، ولا أن التداوي بالرقية الشرعية مشروع، لكنّي أتعجّب من الدجل المستحدث الذي أُلبس ثوب الشرع زوراً). وما عام ٢٠٠٩ عنّا ببعيد… خرافة "مكائن الخياطة" القديمة، وبالأخص ماركة "سينجر"، التي قيل إنها تحتوي على "الزئبق الأحمر" صاحب القوى الخارقة! ارتفعت الأسعار، وتسابقت الجموع، حتى بيع بعضها بمئات الآلاف من الريالات! واليوم، مع زحمة وسائل التواصل، خرج الدجل بثوب جديد… يُعالج الرأس بربطه وشدّه بحبل، يزعم أن الرأس به "تنسيم"! وآخر "فاخر من الآخر" يُعالج جميع أمراض الأسنان والقلب وآلام الظهر والركب وتأخر الإنجاب… في عيادة واحدة؟! ما شاء الله… "سوبرمان علاجي"! لكن الواقع: عبثٌ واستهتار بعقول الناس وأموالهم. ولا عجب؛ فالبضاعة دجل، والغلاف خرافة! والمؤلم حقاً: أن بين المصفّقين لبائعي الوهم، والمؤمنين بخرافاتهم… تجد من يحمل شهادة دكتوراه! نعم، دكتور… لكن بلا عقل ناقد، ولا وعي ناضج، ولا ميزان علمي. المصيبة ليست في بائع الوهم… بل في العاقل الذي صدّقه! يا سيدي الكريم… ما فائدة التعليم إن لم يُهذّب الفكر، ويُعدّل السلوك، ويُفرّق بين الغث والسمين؟ أما آنَ للأوراق أن تُرفَق بالعقول… لا أن يُغطّى بها الجهل بوشاح الشهادات؟ فالعقل إن غاب… فلن تُعوّضه ألف شهادة. كتبه الأستاذ : محمد بن حوران العنزي ![]() خدمات المحتوى | تقييم |