10-17-2025 11:40 PM عرعر اليوم : ولادة جيل بين القدوة والمؤثر لعلي عاصرت حقبتين مختلفتين: حقبة القدوة وحقبة المؤثر. والحق أن الفارق بينهما شاسع، لا يُقاس بالسنوات، بل بالقيم. قديمًا كانت المجالس مدارس ، والمدارس حياة . قديمًا، كانت القدوة تُبنى على الموقف، على الخلق، على الصدق في القول والعمل. كنا نرى ونسمع وجهًا لوجه، ونتعلم بالمشاهدة لا بالمؤثرات البصرية. كان التأثير يومها نقيًّا، بلا دسّ سمّ، ولا تلميحات خادعة، ولا تصنعٍ أمام الكاميرات. كانت الكلمة مسؤولية، والنصيحة صدق، والاحترام فطرة لا يُذكّر بها أحد. قديمًا لانعرف الاسقاطات ولا الهمز واللمز كان لدينا ( الحياء ) هو ديدننا كان كبيرنا يعطف على صغيرنا وصغيرنا يحترم كبيرنا ويوقره . أما اليوم، فقد تبدّل المشهد؛ صار التأثير سلعة تُباع، وصورة تُعدّل، وصوتًا يُجمّل. ظهر جيل يقيس قيمته بعدد المتابعين، لا بعمق أثره في الناس. يتحدث باسم الوعي، وهو في الحقيقة يُكرّس السطحية، ويُطالب بالصدق وهو أسير المظاهر. لقد فقدنا مفهوم “القدوة” حين استبدلناه بـ”المؤثر”، وفقدنا معنى “التأثير” حين صار الغرض منه الشهرة لا التغيير. فالقدوة كانت تبني إنسانًا، والمؤثر بات يصنع مشهدًا. إننا بحاجة لأن نُعيد للجيل الجديد الصورة الحقيقية للتأثير أن نُعلّمه أن الكلمة أمانة، وأن الشهرة لا تساوي شيئًا إن خلت من القيم. فالمجتمعات لا تنهض بمؤثرين يتحدثون كثيرًا، بل بقدوات يعملون بصمت ويزرعون الأثر . والحمد لله انه مازال لدينا الصالحين من الفريقين فالتعميم لغة الجهلاء . بقلم الأستاذ سالم رجاء الموط ![]() خدمات المحتوى | تقييم |